وسُئل عليهالسلام : ما مصحف فاطمة عليهاالسلام؟ قال : « إنّ فاطمة عليهاالسلام مكثت بعد رسول الله صلىاللهعليهوآله خمسة وسبعين يوماً ، وكان دخَلَها حزن شديد على أبيها ، فكان جبرئيل عليهالسلام يأتيها فيحسن عزاءها على أبيها ، ويطيّب نفسها ، ويخبرها عن أبيها ومكانه ، ويخبرها بما يكون بعدها في ذرّيّتها ، وكان عليّ عليهالسلام يكتب ذلك ، فهذا مصحف فاطمة عليهاالسلام » (١).
فظهر أنّ مقتضى العرف الشرعي واللُّغوي إطلاق المصحف على ما سوى القرآن المشرّف (٢) ، وهما مقدّمان على العرف العامّ كما يحكم به التأمّل التامّ ، والأصل عدم النقل وبقاء الشيء على ما كان عليه ، فلا وجه للعمل بالعرف العامّي مع معارضته بالشرعي واللُّغوي.
وحينئذٍ ، فقصر المصحف على القرآن الكريم دون سائر الكتب مع أنّه يشملها خالٍ من التحقيق ، بل خارج عن سواء الطريق ، إذ لا قرينة توجب التخصيص والإخراج ، وارتكابها مع عدمها خروج عن المنهاج.
فإن قيل : إنّ عطف الكتب على المصحف في صحيح رِبْعِي الثاني (٣) يقتضي المغايرة.
قلنا : إنّا نجعله من باب عطف الخاصّ على العامّ ، وهو شائع في فصيح الكلام كقوله تعالى : ( وَإِذْ أَخَذْنا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ ) (٤) الآية.
ولو تمّ هذا الأصل في كلّ الأحوال لانسدَّ باب كثير من أنواع العطف شائعة الاستعمال ذائعة في الاستدلال ، كعطف المطلق على المقيّد وعكسه ، والعامّ على الخاصّ وعكسه ، والعطف التفسيري ، وعطف الشيء على مرادفه.
وهو من البطلان بمكان كما لا يخفى على ثاقبي الأذهان ، على أنّ المغايرة هاهنا
__________________
(١) الكافي ١ : ٢٤١ / ٥.
(٢) الظاهر أنّ لفظ المصحف حقيقة في القرآن الشريف بحيث إنّه ينصرف إليه عند الإطلاق ، وهذا معنى الحقيقة ، وأمّا في غيره فلا يفهم إلّا بذكر المضاف إليه ، كما يقال : مصحف فاطمة عليهاالسلام. فافهم ، وإنّه تعالى أعلم. ( ح ع ني ) ( هذه التعليقة لسبط المؤلِّف الشيخ حسين القديحي ت ١٣٨٦ ).
(٣) الكافي ٧ : ٨٦ / ٤ ، الفقيه ٤ : ٢٥١ / ٨٠٥ ، التهذيب ٩ : ٢٧٦ / ٩٩٧.
(٤) الأحزاب : ٧.