أكبرهما؟ قال : « نعم » (١).
ولا يخفى ما فيه كسابقه من الدلالة على المراد ، كما لا يخفى على المتأمّل المنصف المرتاد ، بل دَلّ الأوّل على أنّ اختصاص الأكبر بالكتاب مذهب الأئمّة الأطياب ، ودلَّ الثاني على أنّه مذهب الإماميّة في ذلك العصر بلا مرية ، حيث إنّ الراوي تبادر فهمه إلى اختصاص الأكبر به ، حيث إنّه المألوف بينهم والمعروف عندهم ، وقرّره الإمام عليهالسلام على ما فهمه من ذلك الكلام ، ولا خلاف في أنّ تقرير المعصوم عليهالسلام كأفعاله وأقواله حجّةٌ على الأنام.
وإذا كان ذلك الحكم مذهب العترة المعصوميّة وأصحابهم الإماميّة تعيَّنَ اتّباعهم على مَنْ بعدهم من الرعيّة.
والعجب من بعض علمائنا الأبدال حيث لم يسلكوهما في مسلك الاستدلال ، وأغفلوهما أيّ إغفال ، مع أنّهما دالّان على المطلوب غاية ، وصريحان فيه نهاية ، مع أنّهم يستدلّون بما هو مثلهما في السنّة من الأخبار ، فاعتبروا يا أُولي الأبصار.
فإنْ قيل : إنّ هذين الخبرين مخالفان لظاهر القرآن (٢) فإنّه دلّ على أنّه لليتيمين معاً ، وهما قد دلّا على أنّهما لأكبرهما.
قلنا : لا يخفى على ذي التفات ما فيهما من عدم المنافاة ، فإنَّ صدرهما قد دلّ على أنّه لهما أيضاً ، لكنّ الإمامين عليهماالسلام فسّراه بأنّ مراد الله من هذا اللفظ اختصاص أكبرهما به ، والقرآن إنّما يعرف منهم عليهمالسلام فإنّهم المحيطون ببطونه وظهوره وحدوده ومطالعه.
وحينئذٍ ، فالتشريك بينهما ؛ إمّا على جهة المجاز باعتبار ما يؤول إليه ، حيث إنّ الأصغر يستحقّه بعد فقد الأكبر ، ويدلّ عليه ما رواه المحدِّث العلي الحرّ العاملي عامله الله بلطفه الخفيّ والجليّ عن الصادق عليهالسلام ، حيث سُئل عن قول الله تعالى ( وَلا تُؤْتُوا السُّفَهاءَ أَمْوالَكُمُ ) (٣) ، فقال : « هُم اليتامى لا تعطوهم أموالهم حتى تعرفوا منهم
__________________
(١) التهذيب ٩ : ٢٧٦ / ١٠٠١.
(٢) الكهف : ٨٢.
(٣) النساء : ٥.