فعلهم » (١). انتهى كلامه ، عليه صلوات الله وسلامه.
وحينئذٍ ، فاليتيمان لمّا تمّت العلاقة بينهما واتّحد حالهما صحّ التشريك بينهما ، وإنْ كان مستحقاً لهما فالتشريك بينهما على حدّ التشريك بين البحرين في قوله تعالى ( يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجانُ ) (٢) فإنّهما إنّما يخرجان من المالح فقط ، وإنَّما شرّك بينهما لأنّهما لمّا التقيا صارا كالشيء الواحد ، فكأنّه قال : يخرج من البحر ، أي بعضه لا جميعه.
وهذا بحمد الله واضحُ المنارِ ظاهرٌ ليس عليه غبارٌ ، فظهر أنّ الحديثين (٣) مفسِّران لا منافيان ومنافران ، كما يشهد به الوجدان.
فإنْ قيل : قد روى ثقة الإسلام رضى الله عنه في باب رواية الكتب من أُصول ( الكافي ) عن المفضَّل بن عمر ، عن الصادق عليهالسلام أنّه قال له : « اكتب وأورث كتبك بنيك ، فإنّه يأتي على الناس زمان هرج لا يأنسون فيه إلّا بكتبهم » (٤).
وظاهره قاضٍ بكون الكتب ميراثاً كما هو المستفاد من جمع البنين.
قلنا : إنّا نقول أيضاً بموجبه ؛ لأنّ الحبوة ميراث خاصّ فلا منافاة ، إذ قصارى ما دلَّ عليه النهي عن عدم التوريث ؛ إمّا بالبيع أو الهبة أو الوقف أو غيرها من الأُمور الناقلة للملك والمانعة للإرث بلا شكّ ، وهو خارج عن المتنازع فيه ، كما لا يخفى على نبيه.
وأمّا الإتيان بصيغة الجمع ؛ فللتنبيه على عموم الخطاب وتعدّد الوارثين بتعدّد المورِّثين بلا ارتياب ، وإنْ كان المخاطب واحداً كما في سائر الأحكام ، كما لا يخفى على ذي التأمّل التامّ ؛ فإنّ العبرة بعموم المثال لا بخصوص المقام.
فاتّضح [ فجر (٥) ] الحال وانكشف قَسْطل (٦) الإشكال ، والله العالم بحقيقة الحال ، العاصم من هفوات المقال.
__________________
(١) الاحتجاج ٢ : ١٣٨ / ١٧٧.
(٢) الرحمن : ٢٢.
(٣) التهذيب ٩ : ٢٧٦ / ١٠٠٠ ، ١٠٠١ ، الاستبصار ٤ : ١٤٤ / ٥٤٣.
(٤) الكافي ١ : ٥٢ / ١١. باختلاف.
(٥) في المخطوط : ( مجز ) ، والظاهر ما أثبتناه.
(٦) القَسْطَلُ : الغُبار. القاموس المحيط ٤ : ٥٠ باب اللام / فصل الكاف.