انتهى.
وأراد بما يبعد الحمل على المصطلح ما يرد على تفسيرها بالخطابات أو الأحكام الخمسة التكليفيّة أو الأعمّ ، ولا يخفى أنّ مجرّد حصول ما يبعد الحمل على المصطلح لا يقتضي الحمل على غيره ما لم يقم عليه دليل بخصوصه ، أو ينتفي المانع عنه ، مع أنّه موجود ، وهو عدم انعكاس الحدّ بخروج النسب الإنشائيّة ، كقوله تعالى ( أَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ ) (١) ، وتأويلها إلى النسب الخبريّة يخرج التصديق بها عن الفقهيّة ، مع أنّه كلوازمه منها بلا مرية لذي رويّة ، وخروج الموضوعات الشرعيّة مع تصريحهم بدخولها في الفقه ، بل لو سلّم التزام الخروج لكون معرفة الموضوع من المبادئ وليست مقصودة بالذّات فلا بدّ من ارتكاب أحد المحذورين من استدراك : قيد الأحكام ، أو عدم اطّراد التعريف ؛ وذلك لإطلاق المعرفة على الأعمّ من التصوّر والتصديق.
فإن أُريد بمعرفة الموضوع تصوّره فقط ، لم يحتج لقيد الأحكام ؛ لكون العلم في التعريف بمعنى التصديق ، فلم يدخل حتى يخرج.
وإن أُريد التصديق بموضوعيّة الموضوع أو أنّ الموضوع هو هذا كان من النسب الخبريّة ، فيدخل في الأحكام وينتفي الاطّراد ، إذ المفروض كونها خارجة مع أنّها حينئذ داخلة ، وربّما يُجاب.
وأمّا حملها على الخطابات فلا يتمّ إلّا على مذهب الأشعري (٢) من إثبات الكلام النفسي بجعلها عبارة عنه ، وجعل الأدلّة عبارة عن اللفظي.
وأمّا على مذهبنا من بطلانه بما برهن عليه في محلّه فلا ، سواء فسّر بالإلقاء أو الكلام الملقى ، إذ العلم بذلك الأمر النسبي ليس فقهاً ولا مستفاداً من الأدلّة على الأوّل ، وللزوم اتّحاد الدليل والمدلول على الثاني.
والإصلاحُ بجعل الأحكام عبارة عمّا علم ثبوته من الدين بديهةً إجمالاً ، والأدلّة
__________________
(١) البقرة : ٤٣ ، ٨٣.
(٢) عنهم في القوانين : ٢.