عنه بتغيّر حالته الاولى ، فالقضيّة المشكوكة حينئذ ليست بعين القضيّة المتيقّنة لتعدّد موضوعيهما ، ومعه لا يعقل إجراء حكم إحدى القضيّتين في القضيّة الاخرى إلاّ بدلالة خارجيّة وهي منتفية في المقام.
وخامسها : أنّ الاستصحاب مع وجود رافع الشكّ ممّا لا معنى له ، وما تقدّم من البيان في الاستدلال على حجّية ظنّ المتجزّي رافع له جدّا.
ومنها : أنّ الظنّ ما لم ينته إلى القطع يكون في حكم الشكّ ، بل معنى عدم انتهائه إلى القطع انتهاؤه إلى الشكّ لبطلان التسلسل فيكون وجوده بمنزلة عدمه ، فيكون الظانّ حينئذ جاهلا بتكليفه فيما ظنّ به من المسائل كما أنّه جاهل في غير ما ظنّ به ، فيندرج بذلك في أدلّة وجوب رجوع الجاهل إلى العالم في استعلام الأحكام الشرعيّة ، وهذا معنى وجوب التقليد على المتجزّي.
وجوابه يظهر بملاحظة ما تقدّم في تضاعيف كلماتنا المتقدّمة ، ومحصّله : المنع من عدم انتهاء ظنّ المتجزّي إلى القطع ، مع أنّ العمدة من أدلّة رجوع الجاهل إلى العالم هو الإجماع.
وقد تبيّن أنّه غير ثابت في مثل هذا الجاهل ، وغيره أيضا غير ظاهر الشمول لمثل هذا الجاهل ، وكيف كان فهذا الوجه في غاية السقوط كسوابقه.
ومنها : ظاهر مقبولة عمر بن حنظلة المرويّة عن الصادق عليهالسلام وفيها : « انظروا إلى من كان منكم قد روى حديثنا ، ونظر في حلالنا وحرامنا ، وعرف أحكامنا ، فارضوا به حكما ، فإنّي قد جعلته عليكم حاكما » (١).
بتقريب : أنّ الجمع المضاف حقيقة في العموم ، فإن لم يكن يراد به الاستغراق الحقيقي فلا أقلّ من حمله على العرفي ، بأن يعرف جملة وافية من الأحكام بحيث يعدّ مع علمه بها عارفا بالأحكام.
وفيه أوّلا : أنّ المستفاد من الرواية نصبه عليهالسلام العارف بالأحكام الناظر في الحلال والحرام للحكومة والقضاء وأمره أصحابه بالترافع إليه ، وهذا ممّا لا تعلّق له بمقام حجّية الظنّ القاضية بقيامه مقام العلم.
وبالجملة إثبات موضوع حكم بدليل ذلك الحكم ممّا لا يعقل ، والحكم المستفاد منها معلّق على المعرفة الظاهرة في العلم ، فهي غير متعرّضة للظنّ إثباتا ولا نفيا
__________________
(١) وسائل الشيعة ١٨ : ٢٢٠ ، باب ٣١ من أبواب كيفيّة الحكم ، ح ٢.