ومنه ما هم عليه من حجّية الأخبار مطلقة أو خصوص ما في الكتب الأربعة وعدم ترجيح متعارضاتها إلاّ بالقواعد الممهّدة من لدن أهل الذكر ، ومع فقدها في بعض الأخبار يتوقّف كما قال عليهالسلام : « أرجه حتّى تلقى إمامك » وفي بعضها : « يتخيّر في العمل بأيّهما شاء من باب التسليم » ، وعن بعضهم أنّه جمع بينهما بأنّه حمل الأوّل على حقوق الآدميّين كالميراث ونحوه ممّا لا مجال للتخيير فيه والثاني على ما عداه ، كما نقله الشيخ سليمان بن عبد الله البحراني في رسالته المعمولة في الفرق بين الأخباري والمجتهد.
وفيها أيضا : « أنّه يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة عند جملة من الأخباريّين منهم الفاضل الأمين الأسترآبادي في الفوائد المدنيّة والمجتهدون مطبقون على امتناعه ، وإنّما الخلاف عندهم في تأخير البيان عن وقت الخطاب » وفيها أيضا : « من الفروق عدم العمل على الإجماع المدّعى في كلام متأخّري فقهائنا ، إذ لا سبيل إلى العلم بدخول قول المعصوم عليهالسلام بغير جهة الرواية عنه ، ووافقهم على هذا بعض المجتهدين.
ومنها : أنّ خلاف معلوم النسب عند المجتهدين أو أكثرهم لا يلتفت إليه ولا يقدح في الإجماع ، وأمّا الأخباريّون فلا يلتفتون إلى هذه القاعدة » انتهى.
وهذه الامور كلّها من المسائل الاصوليّة.
وبالجملة فهم بإنكارهم المضادّ لعملهم يقولون بأفواههم ما ليس في قلوبهم ، وظنّي أنّ هذه المقالة ونظائرها من الخرافات الّتي منشائها تعصّبهم وشدّة عنادهم لحفظة الشريعة وخزّان علوم أهل العصمة ، ولو لا ذلك فأيّ عاقل يتفوّه بما يدافع البداهة ويناقض الطريقة؟
ومع ذلك يستند في مقالته الفاسدة ودعواه الرديّة إلى ما لا يلتفت إليه جاهل فضلا عن العاقل من الشبهات الواهية والتشكيكات الوهميّة الّتي منها : أنّ هذا العلم حدث بعد زمان الأئمّة عليهمالسلام وأنّا نقطع بأنّ قدماءنا ورواة أحاديثنا ومن يليهم لم يكونوا عالمين به مع أنّهم كانوا عاملين بهذه الأحاديث الموجودة ولم ينقل عن أحد من الأئمّة إنكارهم بل المعلوم تقريرهم لهم ، وكان ذلك الطريق مستمرّا بين الشيعة إلى زمان ابن أبي عقيل وابن الجنيد ثمّ حدث بين الشيعة ، فلا حاجة إلى هذا العلم.
ومنها : أنّ البداهة حاكمة بوجوب العمل بأوامر الشرع ونواهيه ، ومن علّم العلوم اللغويّة فهو ممّن يفهم الأوامر والنواهي ، فالحكم عليه بوجوب التقليد المنهيّ عنه بمجرّد جهله باصول الفقه ممّا لا دليل عليه ولا عذر له في التقليد ، وليس مثله في التقليد إلاّ مثل شخص