وأن يكون له ملكة مستقيمة وقوّة إدراك يقتدر بها على اقتناص الفروع من الاصول وردّ الجزئيّات إلى قواعدها * والترجيح في موضع التعارض.
إذا عرفت هذا ،
__________________
عن إقامة البرهان بمعونة شروطها المقرّرة عارون عن استحضارها حتّى على جهة الإجمال.
وقضيّة ذلك كونه من صفات النقص الّتي يجب تنزيه الفائزين بصفات الكمال الّتي منها القوّة القدسيّة وهذا هو معنى فوزهم بها ، وفي هذه الدعاوي كلّها من الفساد ما لا يكاد يخفى على ذي مسكة ، ومثلها في الفساد المعنى الأوّل لو كان هو المراد ـ كما هو الأظهر ـ لما قرّرناه سابقا.
فالحقّ أنّ هذا الاستثناء وارد في غير محلّه ، لكونه في كلّ من محتمليه على خلاف التحقيق.
* المعروف بينهم التعبير عن هذه القوّة بالقوة القدسيّة ، والمراد بها على التفسير المذكور وما يرادفه ـ على ما يظهر من تضاعيف كلماتهم ـ قوّة يتمكّن بها من إعمال الاصول الحاضرة والقواعد الكلّية المستحصلة الّتي جملة منها المسائل الاصوليّة وجملة اخرى القواعد المقرّرة في متن الفقه وطيّ مباحثه وثالثة القواعد المتّخذة من علوم اخر ممّا يعدّ عندهم من الشروط.
والمراد بإعمالها إجراء كلّ في مواضعه اللائقة به حسبما ساعد عليه ظاهر النظر بعد استفراغ الوسع وبذل الجهد الّذي يدخل فيه علاج المعارضات وإن لم يطابق الواقع ، وهذا هو السرّ في اختلاف أنظار أساطين الفقهاء رضوان الله عليهم في تفريعاتهم الفقهيّة واستنباطاتهم الفرعيّة المبتنية على الاصول الكلّية المختلف في أكثرها مع وجود المعارضات في كثير منها لمكان معارضة بعضها بعضا.
وهذه القوّة كما ترى ليست بعين العلوم المتقدّمة المعدودة من الشروط ، ولا بعين القوّة الناشئة منها أو الباعثة على التمكّن من إدراك مسائلها ، ولا بعين الملكة المأخوذة في مفهوم الاجتهاد باعتبار الملكة ، ليلزم منه بناء على أخذها شرطا له بهذا الاعتبار شبهة اتّحاد الشرط مع مشروطه على ما سبق إلى بعض الأوهام ، بل هي حالة اخرى ممتازة عن الجميع مأخوذة في الطرف المقابل لها جمع مغايرة للأحوال الثلاث الاول بالذات والاعتبار وللحالة الرابعة المأخوذة في مفهوم الاجتهاد كذلك أيضا على بعض الوجوه وبالاعتبار فقط على البعض الآخر.