كانت غيرهما بالاعتبار وإن اخذت لا بهذا الوصف كانت عينهما بالذات ، فهي متّحدة معهما ذاتا مغايرة لهما اعتبارا.
وعلى ثانيهما حالة بسيطة اعتباريّة ، لكون ثبوتها منوطا بالانتزاع الّذي ليس إلاّ اعتبار المعتبر.
ولا ريب أنّ القوّة القدسيّة يصحّ على جميع التقادير عدّها شرطا بالإضافة إليها وإن كان في إطلاق الشرط عليها على أوّل التقادير نوع مسامحة يظهر وجهها للبصير بمصطلح القوم ، وهذا هو الدافع لما أشرنا إليه من شبهة اتّحاد الشرط والمشروط بناء على أخذ القوّة المذكورة شرطا للاجتهاد بمعنى الملكة ، فإنّ الملكة المقتدر بها على إقامة الدليل غير الملكة المقتدر بها على إقامة جزء الدليل كما عرفت ، فلا مانع من جعل الاولى مشروطة بالثانية.
والحاصل : ملكة الاجتهاد عبارة عن الحالة النفسانيّة الّتي يتمكّن بها على استنباط الأحكام الشرعيّة عن الأدلّة بطريق الاستدلال المشتمل على صغرى وكبرى ، وما يرتبط بهما من المقدّمات القريبة أو البعيدة الّتي لها مدخليّة في إنتاجهما ، وهذه الحالة موقوفة في حصولها الخارجي على قوّة يتمكّن بها من التفريع ، وحاصل معنى التفريع جعل الصغرى مرتبطة بالكبرى.
وبعبارة اخرى : قوّة بها يدرك اندراج الأصغر في الأوسط ، مثلا قولنا : « كلّ متغيّر حادث » وقولنا : « كلّ مستغن من المؤثّر قديم » أصلان كلّيان وإثبات الحدوث أو القدم للعالم يتوقّف على قوّة بها يدرك كون العالم من جزئيّات المتغيّر ، أو المستغني عن المؤثّر ، وهذه هي قوّة التفريع المعبّر عنها بالقوّة القدسيّة.
وإليه يرجع ما أفاده بعض الفضلاء في هذا المقام من : « أنّ المذكور في الشرط قوّة ردّ الفروع إلى
الاصول ، ومرجعه إلى التمكّن من معرفة اندراج كلّ فرع تحت أصله ، وظاهر أنّ هذا المقدار من القوّة لا يستلزم التمكّن من معرفة حكم الفرع كما هو معنى الاجتهاد بالقوّة فضلا عن اتّحادها معه ، فإن لم يتحقّق مباحث الاصول ربّما يحصل له بمزاولة الفقه ملكة يتمكّن بها من معرفة اندراج كلّ فرع تحت أصله ، ولكن لا يتمكّن من معرفة حكم الفروع لعدم تمكّنه من تحقيق حكم الأصل ».
وفي معناه ما قرّر أيضا بعض الأعلام من : « أنّ الملكة الّتي هي نفس الاجتهاد هي الملكة الخاصّة المترتّبة على مجموع شرائط الفقه الّتي من جملتها الملكة العامّة ، أعني