حيث أدائه إلى عدم قضاء حوائج المسلمين بل ربّما يشوّه الدين ويشوّش الشرع المبين.
ومنها : أن لا يكثر في التوجيه والتأويل ، فإنّه ربّما يفضي إلى الأخذ بأبعد الاحتمالات مكان الظواهر لمكان الانس بذلك ، فإنّ للانس بكلّ طريقة أثرا بيّنا في إذلال الذهن وإضلال الفكر عن الصراط السويّ.
ومنها : أن لا يكون بحّاثا يحبّ البحث ولا جدليّا يحبّ الجدال ، فإنّ ذلك مرض قد يكون طبيعيّا كالعقرب المجبولة على حبّ اللسع ، وقد يكون لغرض فاسد من حبّ الرئاسة والشهرة وطلب إظهار الكمال والفضيلة.
والإنصاف أنّ هذه الامور ليست من شروط القوّة المبحوث عنها ولا من الامور الراجعة إلى قابليّة المحلّ.
نعم كثير منها من شروط الاعتبار والوثوق والاطمئنان.
نعم الإفراط في الاحتياط ربّما يكون لضعف قوّة الترجيح وقصور ملكة الاستنباط ، وبعضها من آداب الورع والتقوى ولوازم الخلوص وحسن النيّة كالأخير.
وثانيها : أنّ من القاصرين من أنكر اعتبار هذه القوّة أو مطلق الملكة في الاجتهاد لشبهات عرضت له.
منها : أنّه ينافي القول بوجوب الاجتهاد عينا أو كفاية على القولين ، لأنّا نعلم بالعيان أنّ كثيرا من الناس ليس له تلك الملكة ، وإن خصّصنا بذوي الملكات فهو أيضا باطل ، لأنّه قبل الاجتهاد ومزاولة الفقه لا يظهر له أنّه ذو ملكة أم لا؟ فمع عدم العلم بالشرط كيف يجب عليه ، مع أنّ كثيرا من المشتغلين يظهر له بعد السعي وبذل الجهد أنّه فاقد لها فكيف حكم الحكيم بوجوبه عليه مع فقدان الشرط ، وقد مرّ أنّه لا يجوز التكليف مع علم الآمر بانتفاء الشرط.
ويزيّفه : أنّه إن أراد به أنّ إطلاقهم في اختيار أحد القولين حيث صار إلى كلّ فريق من دون تعرّض لذكر هذا الشرط ممّا ينفي اعتباره فيفسد معه القول بشرطيّته.
ففيه أوّلا ـ بعد عدم مساعدة ظاهر العبارة عليه ـ : أنّ الإطلاق على فرض قيامه متساوي النسبة إلى هذا الشرط وسائر الشروط المتقدّمة الّتي لا كلام لأحد بل لا خلاف يعتدّ به في اعتبار أكثرها ، حيث إنّ الفريقين لم يتعرّضا في هذا المقام لذكر شيء منها ، فيلزم التوصّل به إلى نفي الشرطيّة فيها بأسرها وهو كما ترى ، والمدفع واحد والفرق تحكّم.