على الله حجّة بعد الرسل ، فيجب على الناس طلب ذلك الحجّة ، فإذا طلبوه وجدّوا في طلبه عرفوه.
وللحديث معنيان آخران لا تعلّق لهما بالمقام ، وأمّا النبوّة الخاصّة ونبوّة نبينّا صلىاللهعليهوآلهوسلم فطريق العلم فيها المعجزات الّتي منها القرآن ، وما تواتر من صفاته الحسنة وأخلاقه المستحسنة وغير ذلك ممّا قرّر في مظانّه.
وقد يدرك صدقه بالبلوغ إلى الصفات الكامنة الّتي يتبعها أحكام شرعيّة ويختصّ بالعقول السليمة.
ومن هنا قيل : إنّ من أعلام نبوّته صلىاللهعليهوآلهوسلم أنّه كان يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ، أي يأمر بما تشهد العقول السليمة بكونه معروفا وينهى عمّا تشهد بكونه منكرا ويحلّ ما تشهد بكونه طيّبا.
ومنه ما حكي عن الأعرابي حيث أسلم من غير إعجاز فقيل له : عن أيّ شيء أسلمت؟
وماذا رأيت منه؟ فقال : « ما أمر بشيء فقال العقل ليته نهى ، ولا نهى عن شيء فقال العقل ليته أباحه ».
وكذا الكلام في إمامة الأئمّة الاثني عشر عليهمالسلام وأدلّتها العقليّة والنقليّة من الآيات والنصوص والكرامات وخوارق العادات الصادرة منهم ، ولا سيّما فضائلهم وفواضلهم وأحوالهم وأخلاقهم وأفعالهم وعلومهم وعباداتهم وعطاياهم وشجاعاتهم وصبرهم على البلايا وتحمّلهم لها وغير ذلك ، فإنّ جميع ذلك فيهم عليهمالسلام من خوارق العادات الّتي لا يسمح الزمان بمثلها في غيرهم المفيدة لمن راعى الإنصاف وجانب الاعتساف وخلع عن نفسه الأضداد والأنداد العلم بإمامتهم.
وأمّا أدلّة المعاد وكونه جسمانيّا من العقل والنقل المتواتر كتابا وسنّة وغيرهما فكونها قطعيّة مفيدة لليقين واضح للمنصف الغير المتعسّف ، وإذا ظهر وجود المقتضي للوصول إلى الواقع في المعارف واصول العقائد ـ على معنى وجود الأدلّة القاطعة على هذه ـ انقدح كون المجتهد المخطئ فيها مقصّرا.
وتوضيح ذلك : أنّ الدليل مأخوذ من الدلالة بمعنى كون الشيء بحيث يلزم من العلم به العلم بشيء آخر ، والمراد بالشيء الآخر هو النتيجة وبالشيء الأوّل مجموع مقدّمتي القياس ، فإنّه باعتبار اشتماله على الأوسط محمولا في الصغرى وموضوعا في الكبرى مثلا ـ كما