جزئيّات حقيقيّة ليس لأحكامها الجزئيّة جعل على حدة ، حتّى ينازع في أنّه هل لله تعالى فيها قبل اجتهاد المجتهد حكم معيّن أو لا؟ بل يكفي في ثبوت أحكامها جعل الأحكام الكلّية لكلّياتها ، فالمجتهد في القبلة إنّما يجتهد فيها بعد الفراغ عن إثبات الحكم الكلّي وهو وجوب الصلاة إلى القبلة ، وجواز الصلاة إلى هذه الجهة الشخصيّة مثلا أو إلى ما عيّنته الأمارة وأدّى إليه الاجتهاد من مقتضى هذا الحكم الكلّي لا لجعل مستقلّ.
ثمّ يترتّب الإجزاء وعدم الإجزاء في صورة ظهور الخطأ على ما أفاده دليل ذلك الحكم الكلّي من كون القبلة شرطا واقعيّا أو اعتقاديّا.
وعلى هذا فالمجتهد في عنوان المسألة عبارة عن المجتهد في الأحكام ولا يدخل فيه المجتهد في الموضوعات ، فالنزاع في التخطئة والتصويب بالمعنى المأخوذ في المسألة بالبناء المتقدّم غير جار في الموضوعات والأحكام الجزئيّة.
نعم ربّما يمكن التكلّم في التخطئة والتصويب فيها من جهة اخرى غير مرتبطة بالبناء المذكور راجعة إلى التكلّم في وجه اعتبار الأمارة القائمة بها ، هل هو وجه الطريقيّة أو الموضوعيّة بالمعنى الّذي شرحناه في مسألة الإجزاء وغيرها ، ولعلّنا نشير إليه أيضا فيما بعد.
والأقوى في التكلّم من هذه الجهة هو الطريقيّة ، ويظهر من جماعة ـ منهم بعض الأعلام ـ القول بالموضوعيّة ، ومن ذلك ظهر زيادة على ما مرّ من أنّ التصويب في الموضوعات ليس من فروع القول بالتصويب المبحوث عنه في المسألة ليختصّ بالمصوّبة لكون قائله من أصحابنا المخطّئة ، مع أنّه من باب تعدّد الموضوع الباعث على تعدّد الحكم لا من باب تعدّد الحكم مع اتّحاد الموضوع كما هو التصويب بالمعنى المعروف في الأحكام.
ثمّ إنّ طرق الأحكام على أنحاء :
منها : الأدلّة العلميّة المفيدة للقطع بالحكم على تقدير وجودها وتيسّر الوصول إليها ولو في بعض الأزمنة ، كزمن الحضور أو في حقّ بعض الناس كالصحابة مثلا ومن يحذو حذوهم في تحقّق الشرطين.
ومنها : الأمارات الظنّية المنوط اعتبارها بإفادتها الظنّ بالحكم ولو لعموم ما دلّ على حجّية ظنّ المجتهد.
ومنها : الأمارات الغير العلميّة التعبّديّة الواجب اتّباعها تعبّدا من غير نظر إلى إفادتها الظنّ ، كأخبار الآحاد عند من يراها حجّة بالأدلّة الخاصّة.