على الأوّلين والآخرين سواء » وغير ذلك ممّا يقف عليه الخبير البصير.
واستدلّ عليه أيضا بوجوه اخر :
منها : ما اعتمد عليه بعض الفضلاء من : « أنّه قد تقرّر عند العدليّة أنّ أحكامه تعالى تابعة لمصالح واقعيّة في
موارد لاحقة لذواتها أو لوجوه واعتبارات طارئة عليها ، وإن كان لحوق تلك الأحكام لها مشروطا بعلم المكلّف أو ما في حكمه ، وحينئذ فما من واقعة إلاّ ولها حكم معيّن يتوقّف تعلّقه بالمكلّف على زوال جهله به ، ولا نعني بالحكم الواقعي إلاّ ذلك ».
أقول : هذا لا ينهض ردّا على من كان من المصوّبة من الأشاعرة المنكرين لتبعيّة الأحكام بالصفات الكامنة القائلين بكون حسن الأشياء وقبحها بالشرع.
نعم إنّما ينهض ردّا على العدليّة منهم ، فإنّ الصفة الكامنة في كلّ شيء توثّر في جعل حكم للواقعة من حيث هي ، متوقّف تعلّقه بالمكلّف وصيرورته حكما فعليّا عليه على علمه به.
لا يقال : إنّ هذا لا يتمّ على مذهب العدليّة أيضا القائلين بكون الصفة الكامنة في الشيء قد يكون بالوجوه والاعتبارات بناء على كون العلم والجهل منها.
لأنّ كون العلم والجهل من الصفات الموجبة لتبدّل الأحكام الواقعيّة وإن سبق إلى بعض الأوهام احتمالا أو اختيارا غير أنّه عند التحقيق وفي النظر الدقيق ممّا لا يرجع إلى محصّل ، إذ لو اريد بمدخليّة الجهل في الحكم الواقعي أنّ الجهل بالحكم الواقعي المجعول في الواقعة للعالمين به علّة تامّة لحدوث حكم واقعي آخر للجاهل بجعل إلهي فهو غير معقول ، لأنّ غاية ما يسلّم من تأثير الجهل عند العقل إنّما هو منع شمول الحكم الواقعي المتعلّق بالعالمين به للجاهل ، ولا يعقل تأثيره في حدوث حكم معيّن آخر من الأحكام الباقية بعد فرض عدم شمول الحكم الأوّل له كائنا ما كان كما هو واضح ، ولو اريد بها كونه جزء للعلّة التامّة المفروض كونها المجموع من أمر عدمي ـ وهو عدم العلم بالحكم المفروض عدم شموله للجاهل من باب رفع المانع ـ وأمر وجودي وهو قيام أمارة ظنّية أو تعبّديّة بالواقعة ، فيؤثّر المجموع في حدوث مؤدّى تلك الأمارة حكما واقعيّا للجاهل بجعل إلهي.
ففيه : أنّ الجهل وإن كان يؤثّر في منع شمول الحكم الواقعي المجعول للعالمين به ، إلاّ أنّه ليس معناه أنّه يمنع من مجعوليّة ذلك الحكم بالقياس إلى الجاهل ، ليكون مفاده اختصاص ذلك الحكم بالعالمين به المبنيّ على أخذ قيد في موضوعه يوجب ذلك الاختصاص من