غير خارج عن حدّ التقليد ، بل هو على طريقتهم أشنع وبشاعته على مذاقهم أوضح لكونه تقليدا في مدارك الاجتهاد ومبادئه.
فالحقّ الّذي لا محيص عنه : هو مشروعيّة التقليد للعوامّ للأدلّة الأربعة ، فمن الكتاب : آيات النفر ، والكتمان ، والسؤال.
دلّت الاولى على أنّه تعالى أوجب الاجتهاد على بعض الفرقة فلو وجب على الأعيان لأوجب على الجميع ، أو لأنّه جعل فائدة التعلّم إنذار القوم إذا رجعوا إليهم وهو عين التقليد.
والثانية على حرمة الكتمان ، وهي تستلزم وجوب القبول عند الإظهار وإلاّ لغى الإظهار.
والثالثة على وجوب السؤال وهو يستلزم وجوب قبول الجواب وإلاّ لغى وجوب السؤال ، وإذا وجب القبول مع سبق السؤال وجب مع عدمه إذ لا مدخل لسبق السؤال فيه قطعا ولعدم القول بالفصل.
ومن السنّة : الأخبار المتكاثرة البالغة فوق حدّ الاستفاضة ، ولا يبعد كونها باعتبار المعنى متواترة الدالّة صراحة وظهورا على جواز الإفتاء والاستفتاء ، وإن ورد بعضها في خصوص طائفة مخصوصة من الرواة وأصحاب الأئمّة عليهمالسلام ، كالمرويّ من قول أبي جعفر عليهالسلام لأبان بن تغلب : « اجلس في مسجد المدينة وأفت الناس ، فإنّي احبّ أن يرى في شيعتي مثلك ».
والمرويّ عن عليّ بن المسيّب الهمداني قال : قلت للرضا عليهالسلام : شقّتي بعيدة ولست أصل إليك في كلّ وقت ، فممّن آخذ معالم ديني؟ قال : « من زكريّا بن آدم المأمون على الدين والدنيا » بناء على ظهور معالم الدين في نفس المسائل.
ونحوه المرويّ عن عبد العزيز المهتدي وكيل الرضا عليهالسلام وخاصّته فقال : إنّي سألته فقلت : إنّي لا أقدر على لقائك في كلّ وقت ، فممّن آخذ معالم ديني؟ فقال : « خذ عن يونس ابن عبد الرحمن ».
وفي رواية : ربّما أحتاج ولست ألقاك في كلّ وقت ، أفيونس بن عبد الرحمن ثقة آخذ منه معالم ديني؟ قال : نعم.
والمرويّ عن عليّ بن سويد قال : كتب إليّ أبو الحسن الأوّل ـ وهو في السجن ـ : « أمّا ما ذكرت يا عليّ ممّن تأخذ معالم دينك ، لا تأخذنّ معالم دينك من غير شيعتنا ، فإنّك إن تعدّيتهم أخذت دينك من الخائنين الّذين خانوا الله ورسوله وخانوا أماناتهم ، إنّهم ائتمنوا على كتاب الله فحرّفوه وبدّلوه ».
وقول الحجّة عجّل الله فرجه في التوقيع لإسحاق بن يعقوب ، المرويّ عن كتاب الغيبة