ذمّهم الله تعالى بالتقليد لفسقة فقهائهم ، فأمّا من كان من الفقهاء صائنا لنفسه حافظا لدينه مخالفا على هواه مطيعا لأمر مولاه فللعوامّ أن يقلّدوه ، وذلك لا يكون إلاّ بعض فقهاء الشيعة لا جميعهم ، فأمّا من ركب من القبائح والفواحش مراكب فسقة فقهاء العامّة فلا تقبلوا منهم عنّا شيئا ولا كرامة ، وإنّما كثر التخليط فيما يتحمّل عنّا أهل البيت لتلك ، لأنّ الفسقة يتحمّلون عنّا فيحرّفونه بأسره لجهلهم ، ويضعون الأشياء على غير وجوهها لقلّة معرفتهم ، وآخرون يتعمّدون الكذب علينا ليتجروا من عرض الدنيا ما هو زادهم إلى نار جهنّم ، ومنهم قوم نصّاب لا يقدرون على القدح فينا فيتعلّمون بعض علومنا الصحيحة فيتوجّهون عند شيعتنا وبه فينقصون بنا عند أعدائنا ، ثمّ يضعون إليه أضعافه وأضعاف أضعافه من الأكاذيب علينا الّتي نحن براء منها ، فيقبله المستسلمون من شيعتنا على أنّه من علومنا ، فضلّوا وأضلّوا ، اولئك أضرّ على ضعفاء شيعتنا من جيش يزيد لعنه الله على الحسين بن عليّ عليهماالسلام » (١).
والروايات الناهية عن الإفتاء بغير علم ، مثل المرويّ عن البحار بسنده عن عبد الله بن بشر عن جعفر بن محمّد عليهماالسلام في حديث قال : « قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : من عمل بالقياس فقد هلك وأهلك ، ومن أفتى الناس وهو لا يعلم الناسخ والمنسوخ والمحكم والمتشابه فقد هلك ».
والمرويّ عنه أيضا عن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم : « من أفتى الناس بغير علم كان ما يفسده من الدين أكثر ممّا يصلحه ، ومن أفتى الناس وهو لا يعلم الناسخ والمنسوخ والمحكم والمتشابه فقد هلك وأهلك ».
والمرويّ عنه أيضا بسنده عن أبي عبيدة عن أبي جعفر عليهالسلام قال : « من أفتى الناس بغير علم ولا هدى من الله لعنته ملائكة الرحمة وملائكة العذاب ، ولحقه وزر من عمل بفتياه ».
والمرويّ عن الكافي بسنده عن مفصّل بن يزيد قال : قال أبو عبد الله عليهالسلام : « إيّاك عن خصلتين فيهما هلك الرجال : أنهاك أن تدين الله بالباطل وتفتي الناس بما لا تعلم ».
ويؤيّد الجميع أو تدلّ على المطلب بالفحوى أو عدم القول بالفصل مع تأمّل فيهما قوله عليهالسلام ـ في مقبولة عمر بن حنظلة : « انظروا إلى من كان منكم قد روى حديثنا ونظر في حلالنا وحرامنا وعرف أحكامنا فارضوا به حكما ، فإنّي قد جعلته حاكما ، فإذا حكم حكما فلم يقبل عنه فإنّما بحكم الله تعالى استخفّ وعلينا ردّ ، والرادّ علينا رادّ على الله وهو على حدّ الشرك بالله عزّ وجلّ » إلى آخره.
__________________
(١) الاحتجاج ٢ : ٤٥٧.