المنوطة بإفادتها الظنّ بالواقع؟ قولان ، أقواهما الأوّل وفاقا لجمع ، وهو ظاهر إطلاق الأكثر بجواز التقليد للعامي أو وجوب رجوع من لم يبلغ رتبة الاجتهاد إلى المجتهد ، بل ظاهر إطلاق معاقد الإجماعات المنقولة.
لنا على ذلك : أنّ معنى التقليد ـ على ما بيّنّاه في توجيه تعريفه ـ أن لا يعتبر فيه حصول الظنّ للمقلّد من فتوى المجتهد ، ولو اتّفق حصوله في بعض الأحيان كان في خلوّه عن الفائدة كالحجر الموضوع في جنب الإنسان ، وذلك أنّ الأخذ بقول الغير من دون دليل على خصوص ذلك القول معناه أن يكون مستند الآخذ في أخذه نفس ذلك القول.
وهذا يقتضي أن لا يكون لظنّ الآخذ مدخليّة فيه ، وإلاّ كان مستنده هو ظنّه الحاصل بالقول لانفس القول الّذي يعبّر عنه في المقام بالفتوى ، وهو بهذا المعنى مورد للأدلّة المتقدّمة المقامة على مشروعيّته ووجوب رجوع العامي إلى المجتهد ، ومنها قوله عليهالسلام : « فللعوام أن يقلّدوه » وقوله عليهالسلام أيضا : « فارجعوا فيها إلى رواة حديثنا » وهو معقد الإجماعات المنقولة.
وقضيّة ذلك أن لا يحتاج المقلّد لعمله في المسائل إلى أزيد من إحراز فتوى مجتهده بطريق العلم أو ما يقوم مقامه ، كما يشهد به القياس المعروف المنتظم من القطعيّتين المقام على جواز عمله في كلّ مسألة ترد عليه ويقلّد فيها ، المقرّر : « بأنّ هذا ما أفتى به المفتي ، وكلّما أفتى به المفتي فهو حكم الله في حقّي » حيث اكتفى في حدّ الوسط بفتوى المفتي ولم يؤخذ معها ظنّ المستفتي.
ولو سلّم عدم مساعدة معنى التقليد على نفي اعتبار ما عدا الفتوى كفانا لإثبات نفي اعتبار الظنّ إطلاق الأدلّة ومعاقد الإجماعات المنقولة حسبما أشرنا إليه ، مضافا إلى صريح معقد الإجماع العملي وهو سيرة المسلمين ، فإنّ الفتوى في غالب مواردها وإن كانت تصادف حصول الظنّ والاطمئنان للمستفتي بالمفتي لكثرة وثوقه به واعتماده عليه ، غير أنّه ليس من الظنّ بالواقع في كلّ مسألة ، ولو سلّم فحصوله ليس على وجه الالتزام والتقييد بحيث يكون مدار عمل المستفتين بفتاوى المفتين على مراعاة الظنّ الفعلي بالحكم.
نعم ربّما يسبق إلى الوهم أنّ التمسّك بالدليل العقلي الّذي مرجعه إلى دليل الانسداد المنتج للظنّ المطلق يقضي بابتناء التقليد أيضا على الظنّ المطلق.
ولكن يزيّفه : ما بيّنّاه في مباحث الاجتهاد من أنّ العقل بعد ملاحظة تعذّر الامتثال العلمي التفصيلي لفرض انسداد باب العلم وسقوط اعتبار الامتثال العلمي الإجمالي ـ المبنيّ على