التعيين ، كما أنّ الشيء ما لم يشارك الواجب في المصلحة الباعثة على إيجابه يقبح أخذه طرفا للتخيير وجعله بدلا عن الواجب.
وهاهنا احتمال آخر على تقدير عدم كونه طريقا مجعولا ليكون أحد فردي الواجب التخييري ، بناء على أنّ الأدلّة النافية للعسر والحرج كما تنفي وجوبه تعيينا كذلك تنفي وجوبه تخييرا ، وهو أنّه هل يكون مسقطا عن الطريق المجعول لكونه محصّلا لأصل المقصود أو لا؟ فالمشروعيّة المبحوث عنها في المقام قد يراد بها كون الاحتياط أحد فردي الواجب التخييري ، وقد يراد بها كونه مسقطا عمّا هو واجب بعينه ، وليس بين الاعتبارين فائدة يعتدّ بها على الظاهر إلاّ في ترتّب الثواب على الفعل الاحتياطي لتحقّق الاحتياط به وعدمه إن قلنا به في الواجبات الغيريّة ، وفي جواز قصد الوجوب التخييري به من حيث تأدّي الاحتياط الواجب به وعدمه كما نبّه عليه بعض الفضلاء.
وكيف كان فالأصحّ الأقوى جوازه لتارك الطريقين مطلقا حتّى في نحو الصورة الأخيرة.
لنا : أنّه براءة يقينيّة وامتثال علمي فليكن مبرئ للذمّة ومخرجا عن العهدة.
وتوضيحه : أنّه طريق يتضمّن إدراك الواقع في العمل وإن لم يوجب إدراكه في العلم قبل العمل فكان أولى بالإجزاء بالقياس إلى الطريقين ، لوضوح أنّ مؤدّى الاجتهاد في عمل المجتهد ومؤدّى التقليد في عمل المقلّد إنّما يؤخذ به على أنّه هو الواقع مع عدم مصادفته في بعض الأحيان على وجه يشتمل سلوك هذا الطريق في صورة عدم المصادفة على مثل مصلحة الواقع ليتدارك به ما يفوت من مصلحة الواقع ، والعمل بالاحتياط أخذ بنفس الواقع دائما.
هذا مضافا إلى أنّه قد تقدّم عند تقرير دليل الانسداد في غير موضع أنّ قضيّة الأصل العقلي في محلّ الاشتغال اليقيني بأحكام الله المعلومة بالإجمال اعتبار الامتثال العلمي التفصيلي ، ومع تعذّره اعتبار الامتثال العلمي الإجمالي ، ومع تعذّر أو سقوط اعتباره شرعا ـ ولو للتوسعة في الشريعة السمحة السهلة ـ اعتبار الامتثال الاجتهادي أو التقليدي ، فالعدول إلى أحد الطريقين إنّما هو في مرتبة متأخّرة عن مرتبة الاحتياط ، ومعه كيف يعقل عدم كونه مجزيا.
وأقصى مفاد دليل عدم اعتباره إنّما هو عدم وجوب سلوكه على التعيين في نظر الشارع ، وهو لا ينافي جواز سلوكه على أنّه أحد فردي الواجب التخييري.
ولو سلّم قضاء أدلّة نفي العسر والحرج أو غيرها بعدم وجوبه مطلقا حتّى تخييرا فهو