الجامع لشرائط الإفتاء ونحوه ، والغافل المقيم على طريق غير مشروع لغفلته وعدم التفاته أصلا إلى احتمال المشروعيّة وعدمها ولا إلى احتمال وجود طريق آخر هو المشروع لا الّذي أقام عليه ، والسالك لطريق غير مشروع بحسب الواقع باعتقاد المشروعيّة على خلاف الواقع من باب الجهل المركّب سواء كان جهلا بالحكم كما لو عوّل على ظنّه أو أخذ عن غير مجتهد أو مجتهد غير جامع للشرائط باعتقاد الجواز مع العلم بالموضوع ، أو جهلا بالموضوع كما لو عوّل على رأيه وظنّه باعتقاد الاجتهاد لنفسه أو أخذ عن غير مجتهد باعتقاد الاجتهاد ، أو عن مجتهد غير جامع باعتقاد الاجتماع ، والأوّل هو المقصّر والثاني قاصر ، وكذلك الثالث لأنّه ما دام معتقدا بخلاف الواقع غافل عن احتمال الخلاف وإلاّ لم يكن قاطعا ، فيكون تكليفه بخلاف معتقده تكليف بالمحال من باب تكليف الغافل بما غفل عنه فيكون قبيحا ، واللازم من ذلك أن لا يصحّ مؤاخذته على ما يتحقّق منه من مخالفة الواقع بترك واجب أو ارتكاب محرّم إذا أدّاه طريقه إلى عدم الوجوب أو التحريم.
وقد يتوهّم اندراجه في المقصّر لتمكّنه في جميع الصور المذكورة من إزالة الجهل عن نفسه بفحص وسؤال ونحوهما وقد تركه عن تقصير ، وهذا غير واضح إذ الجاهل بالجهل المركّب لا يرى اعتقاده جهلا بل يراه مطابقا للواقع فكيف يتصوّر في حقّه التمكّن من إزالة الجهل بالفحص والسؤال.
نعم هي مقدورة خارجا لا ذهنا ، بمعنى أنّه بحيث لو فحص وسأل لزال جهله إلاّ أنّه لا يفحص ولا يسأل لعدم احتماله الخلاف في اعتقاده ، واعتقاده المخالف الّذي يراه مطابقا فهو الصارف له عن الفحص والسؤال ، فلا يندرج تركه في حدّ التقصير ، وإنّما يندرج في حدّ التقصير لو كان اعتقاده المفروض في الصور المذكورة على وجه الظنّ المجامع لاحتمال الخلاف مع التفاته إلى الاحتمال ، إلاّ أنّه على هذا التقدير يرجع إلى القسم الأوّل وهو الجاهل المتسامح.
نعم قد يكون مقصّرا في ترك الفحص والسؤال الموصلين إلى الطريق المشروع أو عدم مشروعيّة الطريق المسلوك قبل حصول الاجتهاد المفروض تسامحا ، ولا يبعد استحقاقه العقوبة على ما يتحقّق منه من مخالفة الواقع جهلا باعتبار كون تركه الفحص والسؤال مع احتمال إفضائه إلى المخالفة في معنى الإقدام على تلك المخالفة اختيارا ، فهو نحو من الترك الحكمي للواجب أو الفعل الحكمي للحرام.