العمل على طبق الواقع ، ولا للثاني إلاّ مراعاة وقوعه على طبق الواقع ، فلو كان لخصوص أحد الطريقين أو خصوص الأخذ من الحجّة مدخليّة في الصحّة لوجب الأمر بالإعادة أو القضاء في الجميع ، كما أنّه لو لم يعتبر المطابقة للواقع في الحكم بالصحّة لوجب نفي الإعادة والقضاء والبأس في الجميع ، والتفصيل على التقديرين غير معقول.
وأمّا تعميم الحكمين بالقياس إلى القاصر والمقصّر فإمّا بواسطة ترك الاستفصال المفيد للعموم في الجواب لو اندرج المقام في ضابطه ، أو بالفحوى بناء على ظهورها في الجاهل المقصّر إمّا باعتبار ظهور أسئلتها في صورة التمكّن من السؤال ، أو لأنّ الغالب في الناس هو التقصير فينصرف إليه الإطلاق سؤالا وجوابا ثمّ يثبت الحكم بالصحّة مع المطابقة في القاصر بطريق الأولويّة ، فاحتمال اختصاصها بالقاصر مدفوع بأحد الأمرين من العموم باعتبار ترك الاستفصال أو الظهور باعتبار السياق أو الغلبة.
ويدلّ على المختار أيضا ما روي من أنّ عمّارا أصابته جنابة فتمعّك في التراب ، فقال له رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : « كذلك يتمرّغ الحمار ، أفلا صنعت كذا؟ فعلّمه التيمّم » (١) فإنّ قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : « أفلا صنعت كذا؟ » تنديم على عدم إتيانه بالتيمّم بتلك الكيفيّة ، فدلّ على أنّه لو تيمّم كذلك ولو من غير سؤال لأجزأه ولم يتوجّه إليه تنديم.
وما يقال في منع الدلالة من أنّ التنديم يرجع إلى تقصيره في عدم السؤال حتّى يفعل صحيحا كما في كلام بعض الأعلام.
ففيه : أنّه خروج عن الظاهر لمكان قوله : « أفلا صنعت كذا » دون « أفلا سألت » فليتدبّر.
وبما قرّرناه هنا مضافا إلى ما حقّقناه في المسألة السابقة تعرف أنّ السالك لطريقة الاحتياط وإن كان جاهلا بمعنى تارك الطريقين غير أنّه معذور تكليفا ووضعا فلا مؤاخذة عليه ولا إعادة ولا قضاء ، لأنّه باعتبار سلوكه لطريقة الاحتياط في كلّ ما يحتمل الوجوب أو الحرمة مأمون في تروكه وأفعاله عن مخالفة تكليف فعلي إيجابا أو تحريما ، ولكون هذه الطريقة موصلة إلى الواقع دائما فلا جرم تقع أعماله وعباداته مطابقة للواقع.
فيبقى تحت موضوع المسألة المتسامح في دينه المقيم في المسائل على طريق غير مشروع لتسامحه لا لجهله باعتبار التفاته إلى عدم مشروعيّته اعتقادا أو احتمالا مع معرفته للطريق المشروع المبرئ للذمّة أو تمكّنه من معرفته والرجوع إليه كقول المجتهد
__________________
(١) الوسائل : الباب ٩ من أبواب التيمّم الحديث ٨.