أنّ المقلّد للحقّ وإن كان مخطئا معفوّ عنه ، ولا أحكم فيه بحكم الفسّاق ، فلا يلزم على هذا ترك ما نقلوه » انتهى.
وربّما يسبق إلى الوهم احتمال إرادة سقوط المؤاخذة المترتّبة على ترك النظر بناء على كونه واجبا مستقلاّ ، أو على أنّه وجب لجهتين جهة التوصّل على معنى كونه موصلا إلى الواقع ومحصّلا للعلم به وجهة النفسيّة على معنى مطلوبيّته لنفسه لمصلحة في ذاته زائدة على مصلحة التوصّل ، ولكنّه بعيد من عبارته المتقدّمة والآتية أيضا.
وأبعد منه كون مراده سقوط أصل الخطاب بالمنع من التقليد مع الجهالة به فيكون معذورا لكونه جاهلا بالحكم ، كما احتمله المحقّق السلطان عقيب احتماله الوجه الأوّل.
وأبعد من الجميع احتمال إرادة سقوط أصل الخطاب أيضا عنه مطلقا من باب العفو مع فرض كونه قبيحا بحسب حكم العقل ، نظير العفو عن قصد المعصية القبيح عقلا على ما نطق به الروايات بناء على أحد احتماليه والاحتمال الآخر سقوط المؤاخذة وعدم ترتّبها على مجرّد القصد وإن قبح عقلا ونهي عنه شرعا.
وبالجملة هذه الاحتمالات ما عدا الوجه الأوّل بعيدة عن عبارة الشيخ المنقولة عن العدّة ، حيث إنّه بعد ما استدلّ على عدم جواز التقليد بأنّه : « لا خلاف في أنّه يجب على العامي معرفة الصلاة وأعدادها ، وإذا كان لا يتمّ ذلك إلاّ بعد معرفة الله ومعرفة عدله ومعرفة النبوّة وجب أن لا يصحّ التقليد في ذلك ».
ثمّ اعترض على نفسه : « بأنّ السيرة كما جرت على تقرير المقلّدين في الفروع كذلك جرت على تقرير المقلّدين في الاصول وعدم الإنكار عليهم ».
فأجاب : « بأنّ على بطلان التقليد في الاصول أدلّة عقليّة وشرعيّة من كتاب وسنّة وغير ذلك وهذا كاف في النكير » ، قال : « على أنّ المقلّد للحقّ في اصول الديانات وإن كان مخطئا في تقليده غير مؤاخذ به وأنّه معفوّ عنه ، وإنّما قلنا ذلك لمثل هذه الطريقة الّتي قدّمناها لأنّي لم أجد أحدا من الطائفة » إلى آخر ما ذكره وستعرفه.