احتجّ رضى الله عنه * باتّفاق فقهاء الأمصار على الحكم بشهادة العاميّ مع العلم بكونه لا يعلم تحرير العقائد بالأدلّة القاطعة.
لا يقال : قبول الشهادة إنّما كان لأنّهم يعرفون أوائل الأدلّة ، وهو سهل المأخذ.
لأنّا نقول : إن كان ذلك حاصلا لكلّ مكلّف لم يبق من يوصف بالمؤاخذة فيحصل الغرض وهو سقوط الإثم ، وإن لم يكن معلوما لكلّ مكلّف لزم أن يكون الحكم بالشهادة موقوفا على العلم بحصول تلك الأدلّة للشاهد منهم ، لكن ذلك محال. ولأنّ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم كان يحكم بإسلام الأعرابي من غير أن يعرض عليه أدلّة الكلام ولا يلزمه بها ، بل يأمره بتعلّم الامور الشرعيّة اللازمة به كالصلاة وما أشبهها.
وفي هذا الكلام إشعار بميل المحقّق إلى موافقة الشيخ على ما حكاه عنه ، أو تردّده فيه. مع أنّه ليس بشيء ، لأنّ تحرير الأدلّة بالعبارات المصطلح عليها ودفع الشبهة الواردة فيها ليس بلازم. بل الواجب معرفة الدليل الإجمالي بحيث يوجب الطمأنينة. وهذا يحصل بأيسر نظر. فلذلك لم يوقفوا قبول الشهادة على استعلام المعرفة ، ولم يكن النبيّ ٦ ، يعرض الدليل على الأعرابي المسلم ، إذ كانوا يعلمون منهم العلم بهذا القدر ، كما قال الأعرابي : « البعرة تدلّ على البعير وأثر الأقدام على المسير؟ ، أفسماء ذات أبراج وأرض ذات فجاج لا تدلاّن على اللطيف الخبير؟ ».
__________________
* حجّة الشيخ على ما ادّعاه من العفو وجوه :
الأوّل : ما أشرنا إليه من قوله : « لأنّي لم أجد أحدا من الطائفة ولا من الأئمّة قطع موالاة من سمع قولهم واعتقد مثل اعتقادهم ، وإن لم يستند في ذلك إلى حجّة عقليّة أو سمع شرعي ».
الثاني : ما حكاه المحقّق ـ على ما نقله المصنّف ـ من اتّفاق فقهاء الأمصار على الحكم