أحدها : تتميم المدّعى في الفتوى ـ بعد تسليم اختصاصها بالحكم ـ بالإجماع المركّب وعدم القول بالفصل ، بتقريب : أنّ الأصحاب في اعتبار الأعلميّة في الفتوى والحكم وعدم اشتراطها بين قائل بالاشتراط فيهما معا ، وقائل بعدم الاشتراط فيهما ، وقائل بالاشتراط في الفتوى دون الحكم ، وأمّا احتمال اشتراطها في الحكم دون الفتوى فممّا لا قائل به ، فهو منفيّ بإجماع أصحاب هذه الأقوال ، إلاّ أن يدفع بأنّ عدم قائل بهذا التفصيل أعمّ من الإجماع على نفي التفصيل.
وثانيها : بأنّها إنّما اشترطت في الحكم تبعا لاشتراطها في الفتوى ، لظهور المقبولة بقرينة ذكر الميراث في كون المنازعة فيما هو من قبيل الشبهات الحكميّة ـ لجهالة حكم المسألة الّتي ميزان حكم الحاكم فيها فتواه في المسألة ـ لا من قبيل الشبهات الموضوعيّة الّتي ميزان الحكم فيها الإقرار أو البيّنة أو اليمين أو غيرها ، فالواجب في مثل مورد الرواية الحكم بما يقتضيه الفتوى ، ومرجع الأفقهيّة المعتبرة في الحكم إلى الأفقهيّة في الفتوى والحكم تابع لها.
وثالثها : منع كون الحكم في الروايات مرادا به الحكم بالمعنى المصطلح المقابل للفتوى أعني فصل الخصومة ، بل لابدّ وأن يحمل على إرادة المعنى اللغوي المنطبق على الفتوى ، ولا ينافيه « المنازعة » لاحتمال إرادة الاختلاف في حكم المسألة لا الخصومة في الواقعة.
وسند المنع المذكور أوّلا : كون المتبادر من إطلاق الحكم معناه اللغوي وعدم ثبوت الحقيقة الشرعيّة فيه بالقياس إلى المعنى المصطلح.
وثانيا : وجود القرينة عليه في متن المقبولة من قوله : « وكلاهما اختلفا في حديثكم » ، لأنّ المتبادر منه الاختلاف في الفتوى المستندة إلى الحديث أو هي بمنزلة الحديث ، وقوله عليهالسلام : « أصدقهما في الحديث » ، بتقريب : أنّ الأصدقيّة في الحديث إنّما يناسب ترجيح الفتوى الّتي هي بمنزلة الحديث.
وثالثا : قوله : « فرضيا أن يكون الناظرين في حقّهما » لظهوره في اتّفاق المتنازعين على إناطة رفع النزاع بنظر الحكمين ورأيهما في حكم المسألة من حيث الفتوى.
وتوضيح ذلك : أنّ الغرض من جمع رجلين أو رجال لهم أهليّة الفتوى والحكم يتصوّر على وجوه :
الأوّل : أن يقصد به صدور الحكم بمعنى فصل الخصومة من الجميع.