وقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : أيضا في الخبر العامي : « أصحابي كالنجوم بأيّهم اقتديتم اهتديتم » بتقريب : أنّ أهل الذكر في آية السؤال مطلق في الفاضل والأفضل والمفضول وهو يقتضي التخيير ، خصوصا مع ملاحظة أنّ الغالب في أهل العلم تفاوت مراتبهم واختلاف مدارجهم في الفضل والمعرفة ، وإنّ مساواة اثنين منهم من جميع الجهات في غاية القلّة ، بل لك أن تقول : إنّ الأمر بالرجوع إلى الطائفة المختلفة الآحاد في المراتب والآراء بنفسه دليل على اشتراك الجميع في مصلحة الرجوع ، وكذلك الأمر بإنذار المتفقّهين وإيجاب الحذر عقيب إنذار المنذرين مع جريان العادة بتفاوت مراتبهم ، فإنّه بإطلاقه يدلّ على وجوب قبول إنذار المنذر سواء كان فاضلا أو مفضولا ، وهكذا يقرّر الإطلاق في باقي المذكورات ، بل بعضها عامّ اصولي يتناول الفاضل والمفضول على حدّ سواء.
والجواب عن ذلك ـ بعد تسليم نهوض دلالاتها واعتبار أسانيد الروايات منها ـ : أنّ إطلاقاتها ليست متعرّضة لمقام الأعلميّة بإثبات ولا بنفي ، بل إنّما هي مسوقة لبيان المرجعيّة وإعطاء الحجّية الذاتيّة ، ولا ينافيها اشتراط الأعلميّة على القول به في صورة الاختلاف ، إذ ليس مرجعه إلى نفي المرجعيّة عن غير الأعلم ونفي حجّية قوله ، بل إلى بيان المانع كما نبّهنا عليه سابقا ، فعدم جواز الرجوع إلى غير الأعلم مع الأعلم ليس لفقده مقتضي الجواز وهو الحجّية الذاتيّة بل لوجود المانع.
ومن المعلوم أنّ كون الأعلم مانعا من الرجوع إليه لا ينافي حجّية قوله المقتضية لوجوب الرجوع إليه على تقدير فقد الأعلم ، لوضوح أنّ عدم المانع ليس جزءا للمقتضي ، فمعنى كون الأعلميّة شرطا إنّ عدمها ممّا يتوقّف عليه جواز الرجوع إلى غير الأعلم ، لا أنّ وجودها ممّا يتوقّف عليه جواز الرجوع إلى الأعلم.
وبالجملة لوجودها مدخليّة في العدم كما هو ضابط المانعيّة ، لا أنّ له مدخليّة في الوجود على ما هو ضابط الشرطيّة.
غاية الأمر أنّ في إطلاق الشرط عليها مسامحة ، ولذا لا يلزم بدليل اشتراطها لها تخصيص في الإطلاقات المذكورة ، ألا ترى لو قيل لمريض يحتاج إلى العلاج : « ارجع إلى الأطبّاء » ورجع إليهم فحصل الاختلاف بينهم في المعالجة إلى أن حصل له التحيّر لاختلافهم ، ثمّ قيل له : « اعمل بقول أفضلهم وأكملهم » لم يناقض ذلك القول للقول الأوّل عرفا ، وليس إلاّ من جهة أنّ القول الأوّل ساكت عن مقام التعارض ، وأنّه ليس إلاّ لمجرّد بيان مرجعيّة