العامّة فيها بالإجماع والضرورة والنصّ من الأخبار المأثورة عن أهل العصمة ، ففي النبوي : « العلماء ورثة الأنبياء » وفيه أيضا : « اللهمّ ارحم خلفائي قيل : يا رسول الله ومن خلفاؤك؟ قال : الّذين يأتون بعدي ويرون حديثي وسنّتي » وقوله عليهالسلام : « العلماء امناء الرسل » وقوله عليهالسلام : « مجاري الامور بيد العلماء بالله الامناء على حلاله وحرامه » وقوله عليهالسلام : « علماء امّتي كأنبياء بني إسرائيل » وقوله عليهالسلام في خبر أبي خديجة : « إنّي قد جعلته عليكم قاضيا » وفي مقبولة عمر بن حنظلة : « إنّي قد جعلته عليكم حاكما » وقول الحجّة عجّل الله فرجه : « أمّا الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواة حديثنا ، فإنّهم حجّتي عليكم وأنا حجّة الله عليهم » إلى غير ذلك ممّا يقف عليه المتتبّع.
وهذه الأخبار على تقدير إفادتها الولاية العامّة للفقيه عامّة للأفضل والمفضول ولا مخصّص لها ، فتفيد أنّ كلّ ولاية ثابتة للأفضل فهي ثابتة للمفضول نحو ثبوتها للأفضل ، لكنّ الكلام في دلالتها على الولاية.
ويمكن توجيه الدليل : بأنّ توريث الأنبياء لا يراد به توريث المال من درهم أو دينار أو غير هما قطعا ، فليحمل على إرادة توريث ما كان لهم من الولايات العامّة ، والظاهر المتبادر من إطلاق « خليفة الرجل » في متفاهم العرف كونه قائما مقامه نائبا منابه في الامور الّتي يرجع إليه ، ومن إطلاق « أمين الرجل » كونه مؤتمنا من قبله فيما له ولاية التصرّف فيه ، ومن (١) كون مجاري الامور بيد العلماء كون جريان الامور الّتي لا بدّ فيها من وليّ عامّ من قبل الشارع ومضيّها بيد العلماء ، وهذا نصّ في عموم الولاية ، ومن نصب القاضي أو الحاكم وجوب الرجوع إلى المنصوب في جميع الامور الّتي يجب الرجوع فيها إلى الإمام ، فإنّ قول السلطان : « إنّي جعلت فلانا حاكما عليكم ، ينساق منه أنّه يجب عليكم الرجوع إليه في الامور الّتي من شأنها أن ترجعوا إليّ ، ومن « الحوادث الواقعة » (٢) جميع الوقائع الّتي يجب الرجوع فيها إلى الإمام لكونه حجّة منصوبة من الله تعالى ، وتعليله بكون رواة الحديث حجّة منصوبة من الإمام يفيد كون الحجّية حاصلة لهم من قبل الإمام ، وهو نصّ في كون الولاية في عموم الوقائع مجعولة منه عليهالسلام.
فدلالة الروايات المذكورة على عموم الولاية واضحة لا ينبغي المناقشة فيها ، إلاّ دلالة الرواية الاولى لإمكان رميها بالإجمال بعد صرفها عن توريث المال ، لقوّة احتمال أن يراد
__________________
(١) عطف على قوله : « والظاهر المتبادر » الخ.
(٢) عطف على قوله : « والظاهر المتبادر » الخ.