فاتّباعه فيها والعمل بفتاوى الموتى في غيرها بعيد عن الاعتبار غالبا ، مخالف لما يظهر من اتّفاق علمائنا على المنع من الرجوع إلى فتوى الميّت مع وجود المجتهد الحيّ ، بل قد حكي الإجماع فيه صريحا بعض الأصحاب.
__________________
والمعروف المشهور بين أصحابنا شهرة عظيمة كادت تبلغ الإجماع عدم جواز تقليد الميّت ، وعن الجعفريّة ومجمع الفائدة نسبته إلى الأكثر ، بل ظاهر كلامهم عدم الخلاف فيه بين أصحابنا ، بل صرّح بعدم الخلاف جماعة من أساطينهم منهم المحقّق الثاني في شرح الألفيّة على ما حكي من قوله : « لا يجوز الأخذ عن الميّت مع وجود المجتهد الحيّ بلا خلاف بين علماء الإماميّة ».
وثاني الشهيدين في جملة من كتبه كالمسالك قائلا : « قد صرّح الأصحاب في كتبهم المختصرة والمطوّلة وغيرهما باشتراط حياة المجتهد في جواز العمل بقوله ، ولم يتحقّق إلى الآن في ذلك خلاف ممّن يعتدّ بقوله من أصحابنا ، وإن كان للعامّة في ذلك خلاف مشهور » وكتاب آداب العالم والمتعلّم قائلا : « هذا هو المشهور بين أصحابنا خصوصا المتأخّرين ، بل لا نعلم قائلا بخلافه ممّن يعتدّ بقوله » ، ورسالة منسوبة إليه قائلا : « نحن بعد تتبّع التصانيف ما وصل إلينا من كلامهم ممّا علمناه من أصحابنا ممّن يعتبر قوله ويعوّل على فتواه مخالف في ذلك ، فعلى مدّعي الجواز بيان القائل به على وجه لا يلزم منه خرق الإجماع.
ثمّ قال : ولا قائل بجواز تقليد الميّت من أصحابنا السابقين وعلمائنا الصالحين ، فإنّهم قد ذكروا في كتبهم الاصوليّة والفقهيّة قاطعين فيه بما ذكرنا من أنّه لا يجوز تقليد الميّت وإنّ قوله يبطل بموته من غير نقل خلاف أحد فيه » انتهى.
بل ظاهر غير واحد دعوى الإجماع عليه ، ومن ذلك ما عن الذكرى من قوله : « هو ظاهر العلماء وجوّزه بعضهم » ، وما في كلام المصنّف من قوله : « ظاهر الأصحاب الإطباق على عدمه » ، وقوله أخيرا : « والعمل بفتاوى الموتى مخالف لما تظهر من اتّفاق علمائنا على المنع من الرجوع إلى فتوى الميّت مع وجود المجتهد الحيّ » ، بل قد حكى الإجماع فيها صريحا بعض الأصحاب ، بل في محكيّ ابن جمهور الاحسائي التصريح بالإجماع قائلا : « لابدّ في جواز العمل بقول المجتهد من بقائه ، فلو مات بطل العمل بقوله فوجب الرجوع إلى غيره إذ الميّت لا قول له ، وعلى هذا انعقد إجماع الإماميّة وبه نطقت مصنّفاتهم