الإجماع على معنى أنّ مخالفته غير قادحة في انعقاده ، فلو كان قوله كقول الحيّ في الاعتبار لكان مخالفته قادحة والتالي باطل ، فصار قوله غير منظور إليه ولا معتدّا به شرعا.
ثمّ قال ـ معترضا على نفسه بما يرجع إلى منع الملازمة الثانية ـ : « لا يقال : إنّما انعقد الإجماع في الفرض المذكور بموت الفقيه المخالف لأنّ حجّية الإجماع عندنا إنّما هي بدخول المعصوم في أهل العصر من أهل الحلّ والعقد ، وبموت الفقيه المخالف تبيّن أنّه غير الإمام فتعيّن حينئذ دخول الإمام في الباقين ، فمن ثمّ انعقد الإجماع بموته ولا يلزم من ذلك أن لا يبقى للميّت قول شرعا » انتهى.
ومحصّله : أنّه لا يلزم من سقوط اعتبار قوله في انعقاد الإجماع سقوط اعتباره في مقام التقليد.
ثمّ دفعه بقوله : « بأنّه على هذا يلزم من موت الفقيه المخالف انكشاف خطأ قوله ، لمخالفته قول الإمام فلا يجوز العمل به حينئذ من هذا الوجه ، فتحصّل أنّ موت هذا الفقيه يقتضي عدم اعتبار قوله » انتهى ملخّصا.
والتحقيق في الجواب عن الدليل : أنّ الإجماع طريق علمي للفقيه إلى الحكم الواقعي ، وقول الفقيه طريق تعبّدي للعامي إلى الحكم الظاهري.
وغاية ما يلزم من موت الفقيه سقوط اعتبار قوله في انعقاد طريق الحكم الواقعي ، ولا يلزم من ذلك خروجه عن كونه طريقا إلى الحكم الظاهري.
وتوهّم أنّ الموجب لخروجه عن كونه طريقا كونه خطأ باعتبار مخالفته لقول الإمام.
يدفعه : أنّ المقتضي لخروج قول الميّت خطأ إنّما هو وقوع انعقاد الإجماع على خلافه ، والمأخوذ في الدليل جوازه وهو لا يفيد الوقوع ، إذ ليس بلازم لقول كلّ فقيه مات في كلّ مسألة أن ينعقد الإجماع على خلافه ، إذ قد تكون المسألة إجماعيّة مع موافقة قوله الإجماع ، وقد تكون إجماعيّة مع مخالفة قوله الإجماع ، وكثيرا مّا تكون خلافيّة مع موافقة قوله لأحد قوليها أو أحد أقوالها ، على أنّ الموجب لسقوط قوله عن الاعتبار مطلقا حتّى في مقام التقليد إنّما هو علم المقلّد بوقوع الإجماع بعد موته على خلافه ، وهو ليس بدائم الحصول له بل لا يكاد يتّفق حصوله.
فغاية ما هنالك قيام احتمال مخالفة قوله الإجماع باحتمال انعقاده بعد موته على خلاف قوله في كلّ مسألة ، وهذا ليس إلاّ كاحتمال مخالفة قوله في حال حياته الإجماع