في عدد الكبائر بعد فرض بنائه على كونهما من الظنون الاجتهاديّة لا على التعبّد ، فلا يجوز قبول الشهادة فيهما إلاّ في موضع حصول الظنّ بالعدالة أو الفسق ، ومعه فالتعويل في القبول على الظنّ والاستناد إليه لا إلى قول المعدّل والجارح من حيث إنّه قوله.
ومنها : ما ذكره المحقّق المذكور أيضا في الحاشية ممّا ملخّصه : « أنّ دلائل الفقه لمّا كانت ظنّية ليست مستلزمة لنتائجها وهي الأحكام بالذات ، بل إنّما تستلزمها باعتبار الظنّ فتكون حجّيتها منوطة بالظنّ ، ومعنى إناطة حجّيتها بالظنّ استناد الحكم الشرعي إليه بحيث يثبت بوجوده وينتفي بانتفائه ، وهذا الظنّ يمتنع بقاؤه بعد الموت بل يزول بالموت ، فيبقى الحكم خاليا عن السند ويخرج بذلك عن كونه معتبرا شرعا ».
وعن التوني في الوافية الاعتراض عليه أوّلا : بمنع زوال الظنّ بعد الموت.
وثانيا : بمنع خلوّ الحكم عن السند على تقدير الزوال ، فاقتران الحكم بالظنّ السابق يكفي سندا.
ومن الفضلاء من ظنّ أنّ معنى زوال الظنّ انكشاف واقع الأحكام وحقائق الأشياء فاستشكله : « بأنّه ممّا لا قاطع عليه من عقل ولا نقل قبل يوم القيامة ، نعم ينكشف ذلك له في القيامة ، والبحث في تقليده قبل قيامها.
قال : سلّمنا ذلك ، لكنّ الاعتقاد الراجح المتحقّق في ضمن الظنّ ممّا يمكن بقاؤه بموافقة العلم الطارئ له فيستصحب بقاؤه لعدم القطع بزواله ، إذ التقدير تجويز موافقة علمه لظنّه وزوال تجويز النقيض لا يقدح في حجّيته ، لأنّ حجّية الظنّ باعتبار ما فيه من الاعتقاد الراجح دون تجويز النقيض » إلى آخر ما ذكره.
ويرد عليه : منع كون زوال الظنّ في إرادة المستدلّ تبدّله بانكشاف الواقع المردّد بين العلم الموافق والعلم المخالف ، بل انعدامه إمّا باعتبار خروج محلّه عن قابليّة بقائه فيه أو باعتبار فناء محلّه ، فإنّ الظنّ أمر قائم بالذهن الّذي ربّما اختلف في كونه جزءا من البدن أو قوّة من قوى الإنسانيّة.
فقيل بالأوّل كما يظهر من العلاّمة البهبهاني من استدلاله على زوال الظنّ ـ فيما حكي عنه ـ أوّلا بالبداهة ؛ وثانيا : بأنّ الظنّ هو الصورة الحاصلة في الذهن ، فحين الشدّة والاضطراب حالة النزع لا يبقى تلك الصورة قطّ ، وكذلك حين الغفلة والنسيان أيضا ، فما ظنّك بما بعد الموت بحيث صار الذهن جمادا لا حسّ فيه؟