وأمّا آية السؤال ففيها :
أوّلا : أنّ حقيقة السؤال المأمور به تأبى تناول الآية للرجوع إلى الأموات ، لعدم صدق السؤال عليه عرفا ولا لغة.
وثانيا : أنّه لا إطلاق في الأمر بالسؤال بحيث يقضي بوجوب تقليد الميّت ابتداء أو استدامة.
أمّا في الأوّل : فلأنّ السؤال عند الجهل إنّما وجب لوجوب القبول والعمل ، لا أنّ القبول والعمل يجب لوجوب السؤال ، فيكون وجوب السؤال مقدّميّا غيريّا فيكون في إطلاقه وعمومه أو بيانه وإجماله تابعا للقبول والعمل الّذي هو الواجب الأصلي النفسي.
ومن الظاهر أنّه في الآية أمر لبّي لا لفظ فيه ليكون عنوانا في الحكم ويعتبر فيه عموم أو إطلاق فلا يكون إلاّ قضيّة مهملة ، ويكفي في خروج الأمر بالسؤال عن اللغويّة وجوبه في الجملة ، والقدر المتيقّن منه وجوب السؤال من الأحياء والعمل بفتواهم في المسألة ، فيبقى غيره غير مندرج في الآية.
وأمّا في الثاني : فلأنّ مقتضى الأمر بالسؤال المعلّق على عدم العلم وجوبه عند طروّ حالة الموت.
فإن قلت : إنّ العلم في هذه الحالة حاصل ولا حاجة معه إلى السؤال.
قلنا : إن أردت بالعلم العلم الحقيقي فالأمر على تقدير كونه حاصلا كما ذكرت ، إلاّ أنّه خلاف المفروض لكون مبنى التقليد على التعبّد لا العلم ولا الظنّ ، وإن أردت به العلم الشرعي وهو فتوى المجتهد الّتي يجب العمل عليها نطالبك بدليل ذلك ، فإنّا في شكّ في وجوب [ العمل ] بقول المجتهد الميّت.
وقضيّة ذلك وجوب الرجوع إلى الحيّ وسؤاله بمقتضى الأمر بالسؤال المعلّق على عدم العلم.
وثالثا : أنّه على تقدير تسليم الإطلاق فلا بدّ من الخروج منه بما عرفت.
وأمّا السنّة فطائفتان من الأخبار :
إحداهما : ما دلّ بالعموم على الأمر بتقليد الفقهاء كالمرويّ عن احتجاج الطبرسي عن تفسير العسكري في حديث طويل من قوله عليهالسلام : « من كان من الفقهاء صائنا لنفسه ، حافظا لدينه ، مخالفا على هواه ، مطيعا لأمر مولاه ، فللعوام أن يقلّدوه » أو بالرجوع إلى رواة