لا تقبل تقليدا آخر ولا يجوز فيها تقليد مجتهد آخر ، ومرجعه إلى عدم جواز العدول عن التقليد في المسألة المقلّد فيها ، وقد تقدّم تحقيق ذلك وتفصيل القول فيه مشروحا.
ومنها : أنّ لا يقطع المقلّد بخطأ مجتهده في خصوص المسألة ، فلو قطع لا يسوغ له تقليده في تلك المسألة لمكان قطعه بمخالفة فتواه الواقع ، وهذا واضح فإنّ فتوى المجتهد ما لم يصر حكما فعليّا للمقلّد لم يجز له الأخذ بها ، وإنّما يصير حكما فعليّا يجب بناء العمل وترتيب آثار الواقع عليه إذا لم ينكشف مخالفته الواقع ، وقطعه بخطأ المجتهد في خصوص المسألة عبارة عن انكشاف مخالفة فتواه الواقع ، وأمّا لو قطع بفساد مدرك المسألة ودليلها والطريق الّذي اعتمد عليه ـ كما إذا عوّل على النوم أو على القياس أو على خبر بظنّ الصدور وقطع المقلّد بفساد الأوّلين وعدم صدور الأخير ـ فهل يجوز له تقليده في هذه المسائل والأخذ بالأحكام المستفادة من هذه الطرق أو لا؟ وجهان : من أنّ مؤدّى الطريق الّذي يقطع المقلّد بفساده حكم ثابت بالاجتهاد الصحيح المحكوم بإجزائه للمجتهد في مرحلة الظاهر فيجوز له الأخذ به ، ومن أنّ قضيّة فساد الطريق عدم كون الحكم المستفاد منه حكما فعليّا للمقلّد فلا يجوز له الأخذ به.
ولكن أوجه الوجهين وأقواهما الوجه الأوّل ، لأنّ العبرة في كون مؤدّيات الطرق أحكاما فعليّة إنّما هو بنظر المجتهد الجامع للشرائط لا بنظر المقلّد ، إذ ليس وظيفة المقلّد النظر في الطريق ليثمره صحّته وفساده ، بل وظيفته الأخذ بما أفتى به المفتي من موجب طرقه الصحيحة في نظره ما لم ينكشف عنده مخالفته الواقع ، والمفروض أنّه لم ينكشف عنده مخالفته الواقع ، إذ القطع بفساد الطريق لا يستلزم القطع بمخالفة مؤدّاه الواقع ، كما لم ينكشف مخالفته الواقع عند المجتهد ، فهو حكم فعليّ في حقّ المجتهد ، وكلّما هو حكم فعليّ في حقّه [ فهو ] حكم فعليّ في حقّ مقلّديه ما لم ينكشف عندهم مخالفته الواقع ، بضابطة أنّ كلّما أفتى به المفتي فهو حكم الله في حقّ المقلّد.
هذا ولكنّ الأحوط ترك تقليده في المسائل المبتنية على الطريق الّذي يقطع بفساده.
نعم إذا أدّاه القطع بفساد الطريق إلى القطع بمخالفة مؤدّاه الواقع تعيّن عدم تقليده حينئذ لرجوعه إلى المسألة الاولى.
وهاهنا مسألة اخرى ، وهي : ما لو قطع المقلّد في مسألة بفساد اجتهاده مع صحّة طريقه في موضع يكون معذورا في ذلك الاجتهاد بعدم تقصيره في مقدّماته ، كما لو عوّل على