لبطلان الجعل الموضوعي في الأمارات.
والسرّ فيه ـ مع وضوحه واتّضاحه في غير موضع ـ أنّ المستفاد من أدلّة الطرق سواء كانت معمولة في الأحكام أو في الموضوعات وجوب الأخذ بمؤدّاها وتطبيق الحركات والسكنات الخارجيّة عليه على أنّه هو الواقع ، ولا يستفاد منها كون مؤدّاها شيئا آخر غير الواقع في عرض الواقع ، ومعنى تغيّر الاجتهاد والرجوع عن الفتوى الاولى انكشاف عدم كون مؤدّى الأمارة الاولى المعمول بها في الاجتهاد الأوّل هو الواقع.
ثمّ من المعلوم أنّ الواقع إذا كان مجهولا فالمكلّف الجاهل به مادام جاهلا ولو من باب الجهل المركّب ليس له سوى المعذوريّة من حيث العقوبة والمؤاخذة ، وكما أنّ المعذوريّة إنّما كانت ما دام الجهل فكذلك وجوب العمل بمؤدّى الطريق ـ على معنى ترتيب آثار الواقع عليه ـ إنّما هو ما دام الجهل ، فإذا زال الجهل بانكشاف خلاف مؤدّى الطريق تعيّن الأخذ بالواقع وترتيب الآثار عليه وهو مؤدّى الطريق المرجوع إليه.
ومن جملة الآثار وجوب الإعادة أو القضاء ، لعدم سقوط الأمر أو فواته في الوقت من جهة عدم حصول الإتيان بالمأمور به الواقعي ولا ببدله ، لعدم كون المأتيّ به أوّلا بدلا له لأنّ الإتيان به إنّما حصل على أنّه المأمور به الواقعي وقد انكشف خلافه.
هذا كلّه مضافا إلى ما قرّرناه بما لا مزيد عليه في بحث الإجزاء فإنّا قد أشبعنا الكلام في هذا المقام ثمّة.
المقام الثاني : في الآثار المترتّبة على المعاملات من العقود والإيقاعات ، كما لو اشترى دارا أو عقارا أو كسوة أو نحوها بالمعاطاة لبنائه على صحّتها ، وعقد على امرأة بالفارسي لبنائه على عدم اشتراط العربيّة في العقد ، أو على الباكرة البالغة من دون إذن أبيها لبنائه على عدم ولاية له عليها ، أو على المرضعة أو المرتضعة بعشر رضعات لبنائه على عدم نشر الحرمة بها ، ثمّ تغيّر رأيه ورجع عمّا بنى عليه أوّلا لما دلّه على فساد المعاطاة واشتراط العربيّة في صحّة العقد وولاية الأب على الباكرة الرشيدة ونشر الحرمة بعشر رضعات ، فله بالقياس إلى لزوم الحكم بفساد ما وقع على طبق الفتوى الاولى ووجوب نقض الآثار المترتّبة على الوقائع المذكورة من العقود المنطبقة على الاجتهاد الأوّل وعدمه صور :
الاولى : ما لو كان رجوعه على سبيل القطع ، بأن صادف اجتهاده الثاني قاطعا أفاده القطع بخطائه في الفتوى الاولى المستلزم للقطع بفساد العقود المذكورة وغيرها ، ففي مفاتيح