« وإن لم يقطع ببطلانها ولا ببطلانه فإن كانت الواقعة ممّا يتعيّن في وقوعها شرعا أخذها بمقتضى الفتوى فالظاهر بقاؤها على مقتضاها السابق فيترتّب عليها لوازمها بعد الرجوع ، إذ الواقعة الواحدة لا يحتمل اجتهادين ولو بحسب زمانين لعدم دليل عليه ، ولئلاّ يؤدّي إلى العسر والحرج المنفيّين في الشريعة السمحة ، لعدم وقوف المجتهد على رأي واحد غالبا » إلى أن قال :
« ولئلاّ يرتفع الوثوق في العمل ، من حيث إنّ الرجوع في حقّه محتمل وهو مناف للحكمة الداعية إلى تشريع حكم الاجتهاد » إلى أن قال :
« ولأصالة بقاء آثار الواقعة ، إذ لا ريب في ثبوتها قبل الرجوع بالاجتهاد ، ولا قطع بارتفاعها بعده إذ لا دليل على تأثير الاجتهاد المتأخّر فيها ، فإنّ القدر الثابت من أدلّته جواز الاعتماد عليه بالنسبة إلى غير ذلك فيستصحب » إلى أن قال :
« وبالجملة فحكم رجوع المجتهد في الفتوى فيما مرّ حكم النسخ في ارتفاع الحكم المنسوخ عن موارده المتأخّرة عنه وبقاء آثار موارده المتقدّمة إن كان لها آثار.
وعلى ما قرّرنا فلو بنى على عدم جزئيّة شيء للعبادة أو عدم شرطيّته فأتى بها على الوجه الّذي بنى عليه ثمّ رجع بنى على صحّة ما أتى به ، حتّى أنّها لو كانت صلاة وبنى فيها على عدم وجوب السورة ثمّ رجع بعد تجاوز المحلّ بنى على صحّتها من جهة ذلك ، أو بنى على صحّتها في شعر الأرانب والثعالب ثمّ رجع ولو في الأثناء إذا نزعها قبل الرجوع ، وكذا لو بنى على طهارة شيء ثمّ صلّى في ملاقيها ورجع ولو في الأثناء ، وكذا لو تطهّر بما يراه طاهرا أو طهورا ثمّ رجع ولو في الأثناء ، فلا يلزمه الاستئناف ، وكذلك القول في بقيّة مباحث العبادات وسائر مسائل العقود والإيقاعات ، فلو عقد أو أوقع بصيغة يرى صحّتها ثمّ رجع بنى على صحّتها واستصحب أحكامها من بقاء الملكيّة والزوجيّة والبينونة والحرّيّة وغير ذلك » إلى أن قال :
« ولو كانت الواقعة ممّا لا يتعيّن أخذها بمقتضى الفتوى فالظاهر تغيّر الحكم بتغيّر الاجتهاد ، كما لو بنى على حلّية حيوان فذكّاه ثمّ رجع بنى على تحريم المذكّى منه وغيره ، أو على طهارة شيء كعرق الجنب من الحرام فلاقاه ثمّ رجع بنى على نجاسته ونجاسة ملاقيه قبل الرجوع وبعده ، أو على عدم تحريم الرضعات العشرة فتزوّج من أرضعته ذلك ثمّ رجع بنى على تحريمها ، لأنّ ذلك كلّه رجوع عن حكم الموضوع وهو لا يثبت بالاجتهاد