المجتهدين كانت ظاهرة في الأفقهيّة ، وإذا اعتبرت بين الشاهدين كانت ظاهرة في الأعدليّة ، وإذا اعتبرت بين المخبرين كانت ظاهرة في الأصدقيّة ، إذ الوثوق في مقام الإخبار يرجع إلى مطابقة الخبر والمفروض أنّهما في المرفوعة اعتبرت بين المخبرين فتصرف إلى الصدق لا غير ، إلاّ أنّ الأمر في ذلك سهل ، والحمل على إرادة القدر الجامع في مقام الجمع وعلاج التعارض ممكن وإن كان في تعيينه نظر لخلوّه عن شاهد الجمع.
ومنها : اشتمال المرفوعة في صورة تساوي الخبرين في الأعدليّة والأوثقيّة على الأمر بأخذ ما يخالف العامّة مطلقا من غير اعتبار لموافقة الكتاب والسنّة ومخالفتهما ، فتدلّ على تقديم المخالف على الموافق وإن وافق الكتاب والسنّة أيضا ، والمقبولة قد دلّت على تقديم ما يوافقهما على المخالف لها ، ثمّ تقديم ما يخالف العامّة على الموافق لهم على تقدير موافقتهما الكتاب والسنّة.
ومنها : اشتمال المرفوعة بعد تساويهما في مخالفة العامّة أو موافقتهم على الأمر بأخذ ما وافق الاحتياط والمقبولة دلّت في هذا الفرض على وجوب التوقّف من دون اعتبار الاحتياط.
ومنها : اشتمال المرفوعة بعد فقد جميع المرجّحات على الأمر بالتخيير والمقبولة قد دلّت على وجوب التوقّف وعلى هذا فيشكل العمل بهذين الخبرين. ويمكن دفع الإشكال من الجهة الاولى تارة : بالجمع بينهما بالأخذ بظاهر المقبولة وإرجاع المرفوعة إليها بحملها على مجرّد بيان ما يصلح للترجيح من دون نظر وقصد إلى كيفيّة الترجيح وترتيب المرجّحات من حيث التقديم والتأخير كما تقدّم الإشارة إليه.
واخرى : بطرح المرفوعة رأسا لعدم صلاحيتها لمعارضة المقبولة لضعفها بسبب عدم وجودها في جوامع الأخبار ، مع كون المعتبرة موجودة في الجوامع المعتبرة الّتي عليها المعوّل وإليها المرجع كجوامع المشايخ الثلاث عطّر الله مراقدهم وشكر الله مساعيهم ، مع كونها متلقّاه بالقبول عند الأصحاب ولذا سمّيت مقبولة وهذا يقتضي كون المرفوعة مردودة عندهم.
وثالثة : بترجيح المقبولة بما معها من المرجّحات السنديّة من حيث الأعدليّة والأفقهيّة والأورعيّة ، فإنّ كون المشايخ الثلاث قدّس أرواحهم في أعلى مراتب العدالة والفقاهة والصداقة والورع من الواضحات الّتي لا حاجة لها إلى البيان ، بخلاف المرفوعة فإنّ راويها عن العلاّمة وهو ابن أبي الجمهور ليس بتلك المثابة ، بل هو على ما وصف مقدوح ومطعون عليه ، وربّما يرمى إلى الغلوّ وغيره من الآراء الفاسدة والمذاهب الباطلة ، ولذا ترى أنّ