بمرسلة داود بن الحصين ورواية الحسين بن خالد ، يزيّفه : ظهور ورود الخبرين في مقام آخر غير مقام التعارض ، لكون المراد بالموافقة للعامّة الموجبة لعدم كونه منهم عليهمالسلام والمخالفة لهم الموجبة لكونه منهم عليهمالسلام أي من شيعتهم إنّما هو الموافقة والمخالفة لهم في أصل المذهب.
ولا ريب أنّ الموافقة لهم في المذهب الّتي مرجعه إلى إنكار أمر الإمامة غير الأخذ بالخبر الموافق لمذهبهم ، فيبقى الأخيران ولا يبعد القول بصحّة كليهما لوجود شاهد في الأخبار على كليهما وإن كان شاهد أوّلهما أكثر.
ويمكن القول بانحصار الصحيح في الوجه الأخير كما أشرنا إليه ، لأنّ سابقه خلاف المشهور بين العلماء والمعهود من طريقتهم من الحمل على التقيّة ، مع أنّ تنزيل الترجيح بالمخالفة على هذا المعنى يؤول إلى إرجاع مرجّح جهة الصدور إلى مرجّح المضمون الكاشف ظنّا إجماليّا عن وقوع خلل في الخبر الخالي عن ذلك المرجّح الّذي مضمونه أبعد عن الواقع إمّا في صدوره أو دلالته أو جهة صدوره ، إذ مخالفة الخبر إذا كشفت عن كونه أقرب إلى الواقع الملازم لكون الخبر الموافق أبعد عن الواقع يظنّ معه إجمالا بوقوع خلل فيه إمّا في صدوره أو دلالته أو جهة صدوره كالشهرة بالقياس إلى الخبر الشاذّ حسبما بيّنّاه سابقا ، إذ الأقربيّة إلى الواقع والأبعديّة عنه صفتان للمضمون ، وهذا خلاف المعهود من طريقة الأصحاب والمنساق من أخبار الباب ، فلا بدّ من إرجاع هذا الوجه إلى الوجه الأخير ، على معنى كون أقربيّة الخبر المخالف بسبب المخالفة إلى الواقع إنّما هي باعتبار أضعفيّة احتمال التقيّة فيه بالقياس إلى احتمالها في الخبر الموافق ، ولا ينافيه التعليلات الموجودة في الأخبار المعلّلة ، لأنّها أيضا منزّلة على صورة الورود تقيّة ، إذ مصلحة التقيّة مع غيرها من سائر المصالح الباعثة على بيان خلاف الواقع متشاركتان في أصل الخبر لغير جهة بيان الواقع ، فمعنى كون الرشد أو الحقّ في خلافهم في تعليل الترجيح بمخالفة العامّة أنّ الخبر الموافق لصدوره على جهة التقيّة أو لاحتمال صدوره كذلك غير مطابق للرشد والحقّ أو أبعد عنهما ، فليتدبّر.
وبتذكّر بعض ما بيّنّاه في تضاعيف البحث يندفع ما ذكره المحقّق إعتراضا على الشيخ حيث إنّه قال في العدّة : « إذا كان رواة الخبرين متساويين في العدد عمل بأبعدهما من قول العامّة وترك العمل بما يوافقه ».
قال المحقّق في المعارج ـ على ما حكي بعد حكاية هذه العبارة ـ : « والظاهر أنّ احتجاجه