[٣]
جمع وتنبيه
( ما أَدْرِي ما يُفْعَلُ بِي وَلا بِكُمْ )
قوله تعالى : ( وَما أَدْرِي ما يُفْعَلُ بِي وَلا بِكُمْ ) (١) ، لا ينافي ما تضاعف على ثبوته البرهان عقلاً ونقلاً (٢) من علمه صلىاللهعليهوآله بجميع كلّيّات العالَم وجزئيّاته ممّا كان أو يكون ؛ [ فإنّه (٣) ] في الآية الكريمة نفى الدراية والعلم عن نفسه من تلقاء نفسه استقلالاً وبالذات ، فأشار بذلك أن ليس لنفسه عند نفسه اعتبار ، بل إنه مستغرق في عبوديّة الله والتلقّي منه على كلّ حال. فعلمه ودرايته أعلى مراتب اليقين ، لا يشوبه ظنّ ولا وهم ولا تخمين ، ولا ينطق عن الهوى (٤) بحال ، وليس بينه وبين عالم السرّ وأخفى (٥) واسطة سوى نفسه المقدّسة عن جميع نقائص الخلق طرّاً.
وبهذا يعلم أنه عالم بجميع الخلق بدئهِ ومعاده ، وهو الواسطة لكلّ عالم في علمه ، ومفيدُهُ العلمَ عن الله تعالى ، فلا إشكال ، والله العالم.
__________________
(١) الأحقاف : ٩.
(٢) الكافي ١ : ٢٦٠ ـ ٢٦١ / ١.
(٣) في المخطوط : ( بأنه ).
(٤) إشارة إلى قوله تعالى : ( وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى ). النجم : ٣.
(٥) إشارة إلى قوله تعالى : « فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفى ». طه : ٧.