[ ١٤ ]
كشف غمة ودفع ملمة ( ما أَدْرِي ما يُفْعَلُ بِي )
لعل نفي الدراية في قوله عزّ اسمه ( وَما أَدْرِي ما يُفْعَلُ بِي وَلا بِكُمْ ) (١) نفي درايته صلىاللهعليهوآله من تلقاء نفسه [ المقدّسة (٢) ] استقلالاً لا بإفاضة العليم القادر ، أي أني لا علم لي ولا دراية بشيء ما أصلاً ، حتّى أحوال نفسي وأصحابي من قبل نفسي ، بل كلّ علم لي وكلّ كمال فهو لي من الله بلا واسطة سوى نفسي.
فإذن هو صلىاللهعليهوآله أعلم الخلق بجميع الخلق وصفاته ، ولذا كان أولى بهم من أنفسهم ؛ لأنه الواسطة لكل الخلق في كلّ كمال ووجود ، فنفى بذلك الربوبيّة عن نفسه ، وأثبت أنه أعلم الخلق وأكملهم ، حيث أشار إلى أنه ينبوع كلّ جود ووجود.
وبوجه آخر حاصله أن نفي الدراية في الآية الكريمة إشارة إلى إثبات البداء لله في كلّ شيء ، فإنه عنوان كمال القدرة لله تعالى وسرّه.
وبوجه آخر هو أنه نفى الدراية بجهة مفهوم البشريّة المحضة العامّ ؛ فهو إثبات لأن درايته إنّما هي من لدن حكيم عليم في مقام ( قابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنى ) (٣) وإن كان هو يشمل جميع مراتب الوجود ، إلّا إنه في كلّ رتبة بما يناسبها. وفي مقام البشرية المحضة لا يكون إلّا بالوحي الجزئي التدريجيّ الآتي على لسان ملك. فهو إثبات لكمال جامعيّته لكلّ كمال.
__________________
(١) الأحقاف : ٩.
(٢) في المخطوط : ( المقدّس ).
(٣) النجم : ٩.