[٥]
فوائد نحويّة وثمار محويّة
اشترط بعضهم في الكلام النحويّ إفادة المخاطب شيئاً يجهله. والحقّ عدمه ، بل شرطه أن الكلام مفيد في نفسه. ويرد على ذلك المشترط أنه أخذ حال المخاطب في تعريف الكلام.
واشترط بعضهم فيه قصد المتكلّم. ويرد عليه أيضاً أنه أخذ حال المتكلّم في تعريف الكلام ، وهما خارجان عن حقيقته ، وفسادهما ظاهر.
ويلزم الأوّل أن يكون ( قام زيد ) كلاماً وغير كلام في حالة واحدة ومقام واحد إذا تكلّم به من يخاطب من علمه ومن لا يعلمه دفعةً واحدةً. ويلزم الثاني خروج مثل هذا مع إفادته إذا تكلّم به الساهي والغالط وشبههما ، والله العالم.
اختلف النحويّون : هل دلالة الكلام وضعيّة ، أم عقليّة؟ والذي عليه المحقّقون أن دلالته المطابقيّة والتضمّنيّة وضعيّة ، والالتزاميّة عقليّة ، وهو الحقّ.
وممّا يؤيّد ذلك أنه ليس دلالته على معناه إلّا دلالة أجزائه على معانيها ؛ إذ لا ريب في بقاء معانيها الوضعيّة بعد التركيب ، وإنّما زاد بالتركيب نسبة بعضها لبعض على جهة تخصيص أحدهما بالآخر ، ولم يضع الواضع المفردات إلّا لتستعمل