[٩٢]
في بيان بعض أسرار الصلاة
اعلم أن الصلاة خطرها عظيم ؛ ولذا ورد فيها أنّها معراج المؤمن (١) ، وأنّها معراج كلّ تقيّ (٢) ، وأنّها « عمود دينكم » (٣). وهي بالنسبة إلى عبادات العالم بأجمعه كالإنسان بالنسبة إليه. فكما أن الإنسان نسخة مختصرة من جميع العالم ، فهو كتاب مستقلّ ودائرة تامّة ، وكلّ نوع سواه قوس ، كذلك الصلاة نسخة مختصرة من جميع عبادات العالم فعلاً وتركاً. ينبّهك على ذلك ما هو ظاهر منها ؛ فقد اشتملت على ركوع وسجود وقيام وقعود وحركة وسكون ، وترك لجميع ما سوى ذكر الله وجوباً ، وتحريم جميع لذّات الدنيا من الأكل والشرب والنكاح وغير ذلك.
وبالجملة ، جميع ما يشغل عن الله. فروحها الإقبال على الله ، ومادّتها ذكر الله ، وصورتها التواضع والاستكانة والخضوع لله. فهي محض القبول للاستكمال بأنوار الملكوت ، والمصلّي من حيث هو قابل محض ؛ فهي أصل الدعاء وحقيقته. فالصلاة أشارت ونعتت كلّيّات جواهر العالم ، ورتبه وحقيقة عباداته أجمع ، وأشارت إلى رتب الوجود بدءاً وعوداً.
وكانت اليوميّة التي هي أصل الصلوات وأُمّها قد فرضت فوق العرش في مقام قاب قوسين خمساً عدد أهل الكساء ، وأُولي العزم ، والمتحيّرة السيّارة ، وعدد كلّيّات العالم :
__________________
(١) بحار الأنوار ٧٩ : ٣٠٣ / ذيل الحديث : ٢.
(٢) الخصال ٢ : ٦٢٠ ، حديث أربعمائة ، وفيه : « قربان ».
(٣) المحاسن ١ : ١١٦ / ١١٧.