[٩٠]
تحفة بيانيّة : « جعل السماوات عماداً لكرسيّه »
مسألة : ما معنى ما روي عن أمير المؤمنين : سلام الله عليه في بعض مدحه لباريه عزوجل أنه قال : « جعل السماوات عماداً لكرسيّه » (١)؟
قلت وبالله المستعان ـ : الجواب من وجوه :
أحدها : أن البرهان قائم عقلاً ونقلاً (٢) على أن جميع العالم مرتبط بعضه ببعض ، ومعتمد بعضه على بعض ؛ فالعالي معتمد على السافل في قبول الفيض منه ، وفي كونه مظهراً له ، وفي تأديته فيضه إلى من دونه ؛ إذ لا بدّ من الواسطة بين كلّ رتبتين ، ومن المناسبة بين المفيض والمستفيض من حيث هما كذلك. وكلّ متوسط برزخ به يكمل قبول من دونه لفيض من فوقه بواسطته بكمال الاختيار ؛ لما في الواسطة من المناسبة لهما بجهتيه.
والسافل معتمد على العالي في الاستفاضة والإفاضة والاستكمال وحفظ الكمال ووجود الحقيقة والإمساك ؛ إذ لا وجود للمعلول إلّا مع وجود علّته ، فلا يمكن استغناؤه عنه ذاتاً وصفةً بوجه وعلى حال أصلاً ؛ إذ حقيقة المعلول عند التأمّل الصافي هو عين إفاضة العلّة ، وتحت ذلك سرّ يظهر على أهل الاستيضاح المتفكّرين. فالسافل كالبدن والعالي روح له ومظهر.
__________________
(١) الفقيه ١ : ٣٣٥ / ١٥٠٤ ، بحار الأنوار ٥٥ : ٦ / ٣ ، وفيهما : « جعل السماوات لكرسيه عماداً ».
(٢) التوحيد : ٤٤٠ / ١.