وبينهما مرتبة خيالة (١) المطلق.
أو قل : الأوّل مرتبة الإذن ، والثاني مرتبة الأجل وهو الإمضاء وما بينهما الكتاب. وشهور العام ضعف ست من السبع التي لا يكون شيء إلّا بها ؛ لكون العام رتبة الحسّ المستجنّ فيها بالقوّة ما قبله من الرتب ؛ فكانت ستّاً ، وكان اثني عشر ، والسابعة سابقة شاملة للكلّ ؛ لأنّها روح الكلّ فلا ينافي تأخّرَه إلى أوّل ليلة من شهر رمضان سبقُ نزوله جملةً في ليلة القدر إلى البيت المعمور.
وبوجه آخر هو أن يراد بأوّل ليلة من شهر رمضان ليلة القدر ؛ لأنّها كذلك باعتبار الغيب ، أو لأنّها مرتبة القلب الذي هو العرش المحيط ، وهو أوّل كائن بمعناه العقليّ والحسّيّ. وأوّل كائن وبارز من الإنسان قلبه ، ثمّ يُبنى عليه الجسد كما هو الحقّ ، وهو المشهور بين أهل التشريح.
وإن كان القول : إنه (٢) الدماغ [ فله (٣) ] وجه في الجملة أيضاً.
وأوّل كائن من الأرض الكعبة (٤) زادها الله شرفاً ثمّ دحيت الأرض من تحتها ، فهي من الأرض كالقلب من جسد الإنسان ، فهي أشرف بقعة من الأرض باعتبار الجسدانيّة الصرفة وإن كانت كربلاء زادها الله شرفاً أفضل منها بمقام آخر (٥) ؛ فلا منافاة بين الأخبار. وقد سبق بعض بيان ذلك.
وليلة القدر قلب شهر رمضان ، فلا ينافي كونَها وسطه في خارج الزمان كونُها أوّله باعتبار آخر وبحسب ترتيب الوجود الواقعيّ ، بل يؤكّده ، والله العالم.
__________________
(١) كذا في المخطوط.
(٢) في المخطوط : ( لأنه ).
(٣) في المخطوط : ( له ).
(٤) عيون أخبار الرضا عليهالسلام ٢ : ٩٠ / ١ ، بحار الأنوار ٥٤ : ٦٤ / ٣٩.
(٥) وسائل الشيعة ١٤ : ٤٤٦ ـ ٤٥٤ ، أبواب المزار ، ب ٤٥.