[١٩]
بيان إجمال وكشف
مقال : الله المنّان بالإحسان
لا ريب أن المنّان من أسمائه تعالى ، فلا ريب أنه صفة كمال ، وقد جاء في الدعاء « إنْ أعْطَيْتَ لَمْ تُشِبْ عَطَاءَكَ بِمَنّ » (١).
وأيضاً ، لا ريب أن المنّ من الممكن صفة ذمّ ، فهنا سؤالان.
الأوّل : ما الجمع بين نفي المنّ عن عطائه وبين وصفه بالمنّان؟
الثاني : ما الوجه في كون المنّان صفة مدح في الواجب ، وصفة ذمّ في الممكن؟
والجواب عن الأوّل : أن المنّان الموصوف به الواجب عزّ اسمه معناه الجواد المظهر جوده الدالّ عليه خلقه بلا شوب نكد ولا كدر ، ولا نفع يصل إليه من المنعم عليهم ، ولا مكافأة لهم على إحسان منهم ، بل تفضّل بحت بلا شوب أداء ولا إنقاص. والمنفيّ عن عطائه هو العطاء المشوب ببعض ذلك ، كما هو معنى المنّ بالنسبة إلى الممكن ، فإذا كان للمنّ معنيان متباينان (٢) صحّ الإثبات والنفي إذا لم يتواردا على موضوع واحد.
والجواب عن الثاني : أن حقيقة المنّة وأجلى أفرادها تذكير المنعَم عليه بما انْعِمَ به عليه ؛ ليدوم علمه بالمُنْعِم والنعمة ، فيرى له وجوب الشكر ، ويرى له الطول والعلوّ عليه ، والقاهريّة له ، ويرى نفسه في ذلّ المقهوريّة والافتقار له.
__________________
(١) الصحيفة السجاديّة الكاملة : ١٩١.
(٢) في المخطوط : ( متبائنات ).