[٧٦]
جمع وبيان ( إِنَّ اللهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السّاعَةِ ) (١)
مسألة : ما الجمع بين ما دلّ من الأخبار على أن خمسة أشياء تفرّد بعلمها الباري تعالى لم يُطلِع عليها نبيّاً مرسلاً ولا ملكاً مقرّباً ، وهي المشار لها في قوله تعالى : ( إِنَّ اللهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السّاعَةِ .. ) (٢) وبين ما دلّ منها على أن الأولياء والأنبياء أخبروا عن علمهم بذلك بل ربما أخبر غيرهم عن بعض الأربعة الأخيرة؟
والجواب ، وعلى الله التكلان من وجوه : منها أن ما دلّ على علم الأنبياء وخلفائهم بذلك لا يضبط كثرةً ، فهو مستفيض بل متواتر المضمون ، وأكثره نصّ محكم ، وما دلّ على عدمه آحاد أو من المتشابه ، ولا معارضة إلّا بعد المقاومة.
ومنها أن ما دلّ على نفي علمهم بذلك نفي علمهم من تلقاء أنفسهم ، وهذا لا ينافي علمهم به بتعليم العليم الخبير.
ومنها أنّهم لا يعلمون ذلك بحسب المقام البشري الصرف ويعلمونه مِن مقامٍ فوقه كقوله تعالى : ( ما كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتابُ وَلَا الْإِيمانُ ) (٣) ، ومن هذا نفيه عليهالسلام (٤) علمه بالجارية حين هربت منه وتستّرت ببعض بيوت الدار (٥) ، ومنه نفي علمهم بالغيب ولعنهم من يدّعي فيهم ذلك (٦) ، وهذا يجري في الوجه الأوّل أيضاً ، وهو نفي علمهم
__________________
(١) مرّ الكلام عليه في العنوان السابق.
(٢) لقمان : ٣٤.
(٣) الشورى : ٥٢.
(٤) الكافي ١ : ٢٥٧ / ١.
(٥) الكافي ١ : ٢٥٧ / ٣.
(٦) الاحتجاج ٢ : ٥٥٠ / ٣٤٧ ، بحار الأنوار ٢٥ : ٢٦٧ / ٩.