[٤]
إنارة وهم وإفادة فهم : وحدانيّة العدد
اعلم أن وحدانيّة العدد التي هي روح واحديته ملك لله وحده لا شريك له ، كما قال سيّد العابدين : لَكَ يَا إلهِي وَحْدَانِيّةُ العَدَدِ (١).
فكلّ ما دخل تحت العدد فهو ملك لله عزّ اسمه وحده ، وظاهرها الواحد المعبّر عنه في عالم الأَحرف بالألف القائم ، فإنّه كالروح والمادّة لما سواه منها ، وكلّها في الحقيقة صور له وجزئيّات ، وهو لها كالمادّة ، فلا يوجد في شيء منها صرفاً ولا تفقد حقيقته. وكذلك الواحد العدديّ.
ومن هنا توهّم أن الواحد ليس من العدد بل هو أوّل الأعداد ومادّتها وهي مظاهرة ومراتبه ، لكنّه متجرّد عمّا فيها من معنى التعدّد. فالوحدانيّة التي لجميعها أعني : روحها لله ملك ، وروح جميع الوحدات أعني : الوحدانية الحقيقية هي واحدة الأمر.
فجميع الوحدانيّات والواحديّات منها برزت ، وإليها تعود في باب كلّ جود ، فوحدة الكثرات ومنتهى الوحدات وأوّل المخترعات لله وحده خالصة له في ذاتها وصفاتها ، وأفعالها وأطوارها وأوطارها ، سرّها وعلانيتها ، لا تلتفت إلى سواه ، حتّى نفسها ، منقادة مستغرقة في عبوديّته بحقيقتها وكلّيّتها وشراسيفها ، لم تلبسها المدلهمّات أثوابها ، خالصة لله في إقبالها وإدبارها. فهي أبداً في الإقبال على الله
__________________
(١) الصحيفة السجّاديّة الكاملة : ١٣٥.