[٧٩]
ثمرة يمانيّة ورزق حسن
( كُلَّما رُزِقُوا مِنْها مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقاً .. )
قال الله تعالى وتقدّس في صفة أهل الجنّة ( كُلَّما رُزِقُوا مِنْها مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقاً قالُوا هذَا الَّذِي رُزِقْنا مِنْ قَبْلُ وَأُتُوا بِهِ مُتَشابِهاً ) (١). قيل : كيف يقولون هذا مشيرين إلى ثمار الجنّة ، ويخبرون عنه بأنه الذي رزقوه من قبل ، مع تغاير الحقيقتين الدنيوية والأُخرويّة ذاتاً وصفة ، ولازماً وملزوماً. وأهل الجنة في تلك الحال لا تجري عليهم الظنون والأوهام والخيالات الفاسدة ؛ لكشف الغطاء عنهم ، وحدّة أبصارهم ، وفعليّة بصائرهم ، وخلوصها من الأغيار ، وارتفاع الغواشي عنهم ، وظهور الحقائق لديهم؟
قلت وبالله المستعان ـ : لعلّ الجواب من وجوه منها : أن الإشارة إلى ثمار الجنّة المتجدّدة ، [ والتي هي (٢) ] عبارة عن ثمارها السابقة المأكولة ، فهم يحكمون على الرتبة الأُخرى أو الصنف الآخر أو المأكول الآخر بأنه السابق المحصّل لهم قبله ، حيث إن ثمارها تقطف وتعود ، كما كانت ولا تنقص ، ومثلها كالسراج يشعل منه ألف سراج ، ولا ينقص منه ، وحيث إنه يؤتى لهم بثمرة فيأكلون منها ، ويشتهون اخرى فيؤتى لهم بتلك فيقال : كلوا فاللون واحد والطعم مختلف.
فإنّ قلت : هذا لا يصحّ بالنسبة إلى أوّل شيء يأكلونه من ثمارها.
فالجواب من وجهين :
__________________
(١) البقرة : ٢٥.
(٢) في المخطوط : ( والذي ).