[٨٠]
أجل حقّ ووعد صدق ( فَإِذا جاءَ أَجَلُهُمْ )
قال تعالى : ( وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ فَإِذا جاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ ساعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ ) (١). قيل : إن وقت حضور الأجل يمتنع عقلاً وقوعه قبله ، فمعنى ( لا يَسْتَأْخِرُونَ ) ظاهر ، فما معنى ( لا يَسْتَقْدِمُونَ )؟ وأي فائدة في هذا ونفي الاستقدام ملحق بالضروريات ، فمن الضروري نفي إعادة ما عدم من الزمان؟
قلت : قال النظّام النيسابوري : ( أُجيب بأنّ مجيء الأجل محمول على قرب حضوره ؛ كقول العرب : ( جاء الشتاء ) إذا قارب وقته ، ومع مقاربة الأجل يصحّ التقدّم على ذلك الوقت تارة ، والتأخّر عنه أُخرى ) (٢) ، انتهى.
وفيه أن مقتضاه أن الآية مجاز ، والأصل الحقيقة حتّى يقوم دليل المجاز ؛ لأنّ معنى الإشكال : أنه كيف يترتّب السبق على المجيء ؛ إذْ الاستقدام معطوف على جواب الشرط الذي هو مجيء الأجل؟
ويمكن أن يجاب بأنّ الدليل العقليّ قائم على [ استحالة (٣) ] الحقيقة بحسب الظاهر وبادئ الرأي ، وهو قرينة المجاز. وفيه ما لا يخفى ، فهو ضعيف.
وقال القاضي : ( وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ ) مدّة أو وقت لنزول العذاب بهم ، ( فَإِذا جاءَ أَجَلُهُمْ ) : انقرضت مدّتهم ، أو حان وقتهم ، ( لا يَسْتَأْخِرُونَ ساعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ ) (٤)
__________________
(١) الأعراف : ٣٤.
(٢) غرائب القرآن ورغائب الفرقان ٣ : ٢٢٨.
(٣) في المخطوط : ( استقالة ).
(٤) الأعراف : ٣٤.