أحدهما : أنه بمعنى يشبه بعضه بعضاً ، فإنّ ثمار الجنّة وأُصول المعارف والأعمال غير متباينة بل متناسبة ترجع إلى أصل واحد كما بدأت منه ، فهي واحدة بالصنف أو النوع أو الجنس بحسب المراتب. والمشبّه عين المشبّه به من وجه ، وغيره من وجه ، لكن لا يباينه ، بل في الحقيقة هو هو ؛ إذ لا يصحّ التشبيه من جهة المباينة ، بل من جهة الاتّحاد.
وورد في ثمرات الجنة : اللون واحد والطعم مختلف ، وإن الشجرة الواحدة تحمل أصنافاً متعدّدةً ، بل اللون الواحد كلّما أراد الآكل منه لوناً آخر كان هو ، والشراب الواحد في الكأس الواحد يشرب منه الشارب أيّ نوع شاء من الشراب (١).
وورد في غيرها ( يُسْقى بِماءٍ واحِدٍ ) ، و ( نُفَضِّلُ بَعْضَها عَلى بَعْضٍ فِي الْأُكُلِ ) (٢).
الثاني : أن يكون من الاشتباه ، فإنّ في اتّحاد الأصناف المتمايزة في حقائقها بوجوداتها الخاصّة ، واتّحاد شجرتها ، وفي اتّحاد أصناف العلوم والأعمال ، مع رجوعها كلّها مع تمايزها بوجوداتها الخاصّة إلى شيء واحد هو مادّة وجود الإنسان بما هو إنسان ، وإلى وجود العقل بالفعل ، وهو في مرتبته شيء واحد ، وفي كونها بحسب الغاية والمعاد جواهر قائمة [ كما (٣) ] صرّح بها الكتاب والأخبار ، وأسفر عنها واضح الاعتبار فالله تعالى يخلق من كلّ قطرة من ماء الغسل ملكاً يسبّحه نوع (٤) اشتباه وغرابة بالنسبة إلى أوّل الفكر والنظر. ونظيرها كون النتيجة عين المقدّمات نهاية ، وغيرها بداية ، وحال الاستدلال عليها بها ورجوع العلل الثلاث إلى الغائيّة ، واتّحادها بها ضرب من الاتّحاد في النهاية ، مع تمايزها بمراتبها فيها ، والله العالم.
__________________
(١) في صفة الجنة ونعيمها انظر بحار الأنوار ٨ : ١١٦ ـ ٢٢١.
(٢) الرعد : ٤.
(٣) في المخطوط : ( كلّما ).
(٤) اسم ( إن ) المؤخر عن خبرها في قوله : ( فإن في اتحاد الأصناف المتمايزة .. ).