[٢١]
كشف فيه لطف
نسخ ( وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلّا لِيَعْبُدُونِ )
قال القمّيّ في قوله عزّ اسمه ( وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلّا لِيَعْبُدُونِ ) (١) ـ : خلقهم للأمر والنهي والتكليف ، وليس خلقه بجبران لهم ، بل الاختيار لهم في الأمر والنهي. وفي حديث آخر : هي منسوخة بقوله تعالى : ( وَلا يَزالُونَ مُخْتَلِفِينَ ) (٢).
فإن قيل : ظاهر أن الآية الكريمة الاولى محكمة للإجماع الضروريّ ومحكمات الكتاب والسنّة المشهورة المستفيضة بل المتواترة مضموناً ، والبرهان المتضاعف المحكم الضروريّ ، فما معنى نسخها بالآية الكريمة الثانية؟
ولعلّ الجواب أن الله سبحانه وتعالى خلق الجنّ والإنس طرّاً على فطرة الإسلام ، وهي فطرة الله التي فطر الناس عليها ، فكلّ مولود يولد على الفطرة ، وإنّما [ أبواه يهوّدانه إن تهوّدا وينصّرانه إن تنصّرا (٣) ] (٤) ، فلمّا وردوا موارد آبائهم ، واعوجّت فطرهم بإدبار نفوسهم ورين أعمالهم وامتدادهم ممّا امتدّ منه آباؤهم ، اختلفوا ( وَلا يَزالُونَ مُخْتَلِفِينَ ) (٥) لاختلاف موادّهم.
__________________
(١) الذاريات : ٥٦.
(٢) هود : ١١٨.
(٣) انظر : الفقيه ٢ : ٢٦ ـ ٢٧ / ٩٦ ، وسائل الشيعة ١٥ : ١٢٥ ـ ١٢٦ ، أبواب جهاد العدو وما يناسبه ، ب ٤٨ ، ح ٣.
(٤) في المخطوط : ( يهوّدانه إن تهود وينصّرانه إن تنصّر أبواه ).
(٥) هود : ١١٨.