[٩٣]
أذاقه رحمة وإنارة ظلمة
( وَإِذا أَذَقْنَا النّاسَ رَحْمَةً مِنْ بَعْدِ ضَرّاءَ مَسَّتْهُمْ )
قال النظّام النيسابوري : في تفسير قوله تعالى : ( وَإِذا أَذَقْنَا النّاسَ رَحْمَةً مِنْ بَعْدِ ضَرّاءَ مَسَّتْهُمْ ) (١) ـ : ( وفي تخصيص الإذاقة بجانب الرحمة دليل على أن كثيراً من الرحمة قليل بالنسبة إلى رحمته الواسعة.
وفيه أن الإنسان لغاية ضعفه الفطريّ لا يطيق أدنى [ الرحمة (٢) ] ، كما أنه لا يطيق أدنى الألم الذي يمسه ) ، انتهى (٣).
وأقول وبالله المستعان ـ : حاصل الفرق على ما فهمه هذا الفاضل أن ما ينال العبد من الرحمة بالنسبة إلى رحمة الله التي وسعت كلّ شيء يكون كالإذاقة ، والإنسان لمّا كان ضعيفاً في فطرته لا يطيق ورودها إلّا قليلاً متزايداً بحسب [ استعداده (٤) ] على سبيل الإذاقة.
وحاصل النظر أن الإنسان خلق ضعيفاً هيولانيّاً ، عقله وإدراكه بالقوّة ، فهو حينئذٍ كما يمسّه أدنى الألم ولا يطيقه ؛ لضعف قواه حينئذٍ عن تحمّله ، ولمنافاته ومضادّته بالكلّيّة لقواه ؛ لأنه بالفعل في الجملة وهي بالقوّة كذلك ، فإذن لا وجه
__________________
(١) يونس : ٢١.
(٢) من المصدر ، وفي المخطوط : ( الراحة ).
(٣) تفسير غرائب القرآن ٣ : ٥٧١.
(٤) في المخطوط : ( استداده ).