[١٦]
جواب سؤال وبيان حال
انقسام العلم إلى تصوّر وتصديق
إن قيل : إنّهم قالوا : ( العلم بشيء هو حصول صورته في النفس ) (١) ، فلذا قيل : إنه يرادف التصوّر بالمعنى العامّ ، فهو من مقولة الكيف عند محقّقي أهل النظر (٢) ، أو الانفعال كما هو عند جماعة (٣). فحقيقته واحدة بالنوع ، فكيف ينقسم إلى تصوّر ، وإلى تصديق ، وهما نوعان مختلفا الحقيقة ؛ لاختلاف الجواب عن السؤال عنهما بـ ( ما هو ) مع أن وجداننا يحكم بعدم الفرق بين صورة ما يسمّى تصوّراً وما يسمّى تصديقاً عند النفس العالمة أو آلتها ، فكلاهما حصول صورة في المدركة (٤) ، فما وجه التقسيم؟
قلت : اعلم أن لفظ العلم عندهم يطلق بالاشتراك على معنيين :
أحدهما : العلم الإشراقيّ ، وهو إضافة ، وحالة الشراقيّة بها تنكشف حقيقة العلوم عند العالم بدون حصول صورة منه في المدرك ، أو في آلته كعلم المجرّد بنفسه ،
__________________
(١) كشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد : ٢٢٥.
(٢) الحكمة المتعالية في الأسفار العقلية الأربعة ١ : ٣٢٥.
(٣) جوامع الكلم ١ : ١٥١.
(٤) المدركة : من القوى الخمس الباطنة للنفس ، وهي قسمان : مدركة الصور ، وتسمّى حسّا مشتركاً ؛ لأنها تدرك خيالات المحسوسات الظاهرة بالتأدية. ومدركة المعاني ، وتسمّى وهماً ومتوهّمة. الإشارات والتنبيهات ٢ : ٣٣٢.