وبغيره ، وكعلمنا بأنفسنا. وهذا لا ينقسم إلى تصوّر وتصديق ؛ لأنّهما حصول صورة ، ولا صورة هنا.
الثاني : العلم بما غاب ، وهو المتجدّد المتوقّف حصوله على حضور حقيقة المعلوم أو مثاله أو صورته بين يدي المدرِك ، ومنه ما يتوقّف حصوله على حضور المدرَك بين يدي آلة المدرك حتّى الحسّيّة. وجميع المنطقيّات لا يتجاوز هذا القسم كما صرّح به العلّامة الشيرازي ، وهذا القسم ينقسم أيضاً إلى ثلاثة أقسام متباينة الحقائق بوجه وإن آلت إلى شيء واحد بوجه :
أحدها : الصورة الذهنيّة المنطبعة في النفس ، ومتعلّقُهُ ذو الصورة الذي هو حقيقة المعلوم بحسب نفس جوهر الماهيّة.
الثاني : الانكشاف المصدريّ ، ومتعلّقه المنكشف من حيث هو منكشف.
وهذان النوعان لا يمكن انقسامهما أيضاً إلى تصوّر وتصديق ؛ لاتّحاد معناهما بالنسبة لكلّ منهما وتساويهما فيهما.
الثالث : الحالة الإدراكيّة للنفس العاقلة ، ومتعلقها الصورة الذهنيّة الانطباعيّة. فالصورة المنطبعة في النفس علم بالنسبة إلى سنخ جوهر حقيقة المعلوم ، ومعلوم بالنسبة إلى العلم المتعلّق بها وهو الحالة الإدراكيّة. وهذا هو المنقسم إلى تصوّر وإلى تصديق كما صرّح به في ( القبسات ) (١) ، وذلك أن النفس إذا تصوّرت وأدركت مفهومين ونسبة بينهما حصل لها حالة إدراكيّة للمتصوّرات الثلاثة ؛ فإن بقين معها على الحالة الاولى من بحت التصوّر فهو تصوّر ، وإن عرض لها ما يجعلها محتملة للتصديق والتكذيب في إيقاع تلك النسبة أو وقوعها أو انتزاعها بحيث تكون ملحوظة من تلك الحيثيّة فهي تصديق.
قال العلّامة الشيرازيّ : ( الأثر الذي هو حصول صورة الشيء في العقل سواء اقترن به حكم أم لا يسمى تصوّراً ؛ إذ الحكم باعتبار حصوله في العقل من
__________________
(١) القبسات : ٣٨٧.