[٩٤]
حكمة يمانية في لطيفة
ربانية : الرسول يعاين والإمام لا يعاين
لعلّ السرّ فيما أطبق عليه أهل العرفان وتطابقت فيه الروايات (١) ومحكم البرهان من أن الإمام لا يعاين الملك المبلّغ للوحي في تلك الحال ، من حيث هو مبلّغ ، وإنّما يسمع كلامه ولا يعاين شخصه ، ملقياً له الوحي الجزئيّ ، والرسول يعاينه كذلك ، ويسمع كلامه الملقى إليه منه أن الإمام لمّا كان مظهر الولاية المطلقة التي هي ولاية الرسول صلىاللهعليهوآله : التي هي باطن النبوّة التي هي باطن الرسالة ، فالإمام لا يتلقّى الوحي إلّا من مقامه. ومقام الولاية لا يمكن التلقّي فيه للوحي من الملك شفاهاً بمعاينة شخصه ، فهو يتلقّاه من الرسول من مقام ولايته التي هي باطن باطن الرسالة ، فإنّ الرسول لا يتلقّى الوحي فيها كذلك ، ولكنّه يلقي الوحي فيها إلى خليفته.
ومن هنا يظهر سرّ ما ورد : « إنّ الوحي يمرّ به جبرئيل عليهالسلام أوّلاً على أمير المؤمنين عليهالسلام ».
فإنّ مقام الرسالة يتلقّى من النبوّة المتلقّية من مقام الولاية ، فتفطّن.
وأيضاً مقام أخذ الوحي شفاهاً حسّيّا من شخص الملك المعاين مقام الرسالة ، التي هي مقام آخر مراتب ظهور كمال الرسول ، فلو عاين الإمام أيضاً كذلك كان رسولاً وانتفت الإمامة ، وهو محال. وانتفى الفرق أيضاً بين مقام الولاية والرسالة ومظهريهما ، فمقام الرسالة نهاية مراتب الكمال الوجوديّ ، والخلافة دونه بدرجة.
__________________
(١) الكافي ١ : ١٧٦ ـ ١٧٧ / ١ ـ ٤.