التي هي صفة الوجود الأوّل ولازمه.
وأيضاً الرحمة من حيث هي [ لما كانت ] لا يدركها الإنسان إلّا بعقله ، فهي لا ترد عليه إلّا من جهة عقله ، فناسبها الإذاقة الّتي لا تدركها النفس إلّا بجهة العقل ، ولا البدن إلّا بجهة النفس ، والذوق مختصّ بلسانه الذي هو مغراف قلبه ، ومظهر صفة نفسه ، وكيفيّة فكره ، كانت الإذاقة أنسب للرحمة. ولمّا كانت الضرّاء الواردة عليه لا تختصّ بجهة منه ولا جارحة ولا يفقدها إلّا العقل من حيث هو لاحتجابه عنها حينئذٍ ، كان المسّ بها أنسب.
وأما قول الفاضل النظّام : ( إن كثيراً من الرحمة قليل بالنسبة إلى رحمته ) فحقّ ، لكن لا تلازم بينه وبين تخصيص الإذاقة بالرحمة ، والمسّ بالضرّاء ، بل ما يرد عليه من الرحمة وإن قلّ بالنسبة إلى سعة رحمة الله في نفسه أكثر بكثير ممّا يرد عليه من الضرّاء وإن كثرت. ولهذا ربّما نسبت الإذاقة إلى العذاب وإن كان الأوّل أكثر وروداً ، والله العالم.